الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

في أدب الأطفال (رؤية الحاضر .. بصيرة المستقبل)

محمد بسام ملص

الفصل الخامس

التاريخ الإسلامي في كتب الأطفال

ماذا يقرأ أولاد الأمة عن التاريخ الإسلامي؟ ما الأشكال الفنية التي تقدم هـذا التاريخ ؟ هـل تمكن الكتاب من أن يقدموا المطلوب في هـذا الشأن؟ هـل استطاعت كتب الأطفال أن تسهم في نهوض أولاد الأمة وتحفز عندهم الهمم ليؤدوا دورهم في البناء؟ تلك بعض الأسئلة التي تلح علينا عند الحـديث عن التاريخ الإسـلامي، وهو تاريخ يمثل تجربة إنسانية غنية نابعـة من دين ارتضاه الله عز وجـل لعباده، فإنه تاريخ يحمل في ثناياه زخما ثريا للفعل الحضاري المنشود لهذه الأمة في هـذا العصر وفي كل العصور.

ليس التاريخ الإسلامي حوادث مثيرة وطريفة وظريفة تقدم لأبنائنا للإثارة والتشويق على غرار ما تقدم أعمال تلفازية تكاد لا تنقطع نهارا وليلا وهي تحمل لهم الدخيل والغريب أكثر مما تحمل من الأصيل لتبعدهم عن واقع يجب أن يكونوا فيه، وهو ليس قراءة للفخر والاعتزاز والهتاف للأجداد تقف عنده الأمة مكبلة بواقعها مخدرة بتاريخها وقد ضعفت إرادتها وتشكلت عندها حالات وهن وركود ورقود غير مسبوقة، في [ ص: 115 ] حين أن هـذا التاريخ من شأنه أن ينهضها من وضعها الراهن، هـذا إن أحسنت التعامل مع قيمها.

لا شك أن كتب الأطفال عن التاريخ الإسلامي تحوي خيرا، ولكنه خير لا يفعل فعله المطلوب في التغيير بسبب ما يعترضه من عقبات تتمثل في شوائب كثيرة تكدر صفوه، وهي شوائب تكاد تطغى على هـذا الخير بفعل ما تحمل من مفهومات وأخبار مدسوسة مغايرة تماما لما يجب أن يتلقاه الأولاد وينشأوا عليه، والخطورة هـنا أن هـذا يربي أجيالا لا تقدر تاريخها حق قدره، ولا تملك العزيمة لتفعيله حتى يتحول إلى محرك قوي للإرادة، فالتاريخ بصـورة عامة، والتاريخ الإسلامي على وجه الخصوص، إنما هـو منارات تضيء دروب المستقبل، إن أحسن فهمه، وليس وقائع محنطـة في متحف التاريخ، فالتفاعل معه لا بد أن ينبع من رؤية التطلع للمستقبل، وما هـو واقـع في فهمنا للتاريخ الإسـلامي ونقـدنا له إنمـا يجعل ارتباط أولادنا به هـشا عرضة لأي انفصال معه إذا ما أتيحت الظروف.

ونقف هـنا مع هـذه النمـاذج، التي تمـثل اتجاهات عـامة في كتابة هـذا التاريخ لأولاد الأمـة، وهي تظهر كيف ذهبت الأقـلام مذاهب شتـى كأنـها تتخبط ذات اليمين وذات الشمال وقد فقدت بوصلة الأمان. [ ص: 116 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية