الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان هذا الكافر ليس فيه شيء غير الندم لكونه صلى الله عليه وسلم لم يأته في قتله إذن خاص ، وكان قد أخبر عنه بالندم ، تشوفت أنفس البصراء إلى الاستغفار عنه ، علما منهم بأن عادة الأنبياء وأهل الدرجات العلية استعظام الهفوات ، فأجيبوا بالإخبار عن مبادرته إلى ذلك بقوله : قال وأسقط أداة النداء ، على عادة أهل الاصطفاء ، فقال : رب أي : أيها المحسن إلي.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان حال المقدم على شيء دالة على إرادته فاستحسانه إياه ، أكد قوله إعلاما بأن باطنه على غير ما دل عليه ظاهره فقال : إني ظلمت نفسي أي : بالإقدام على ما لم يتقدم إلي فيه [إذن] بالخصوص وإن كان مباحا.

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان المقرب قد يعد حسنة غيره سيئته ، قال مسببا عن ذلك : فاغفر أي : امح هذه الهفوة عينها وأثرها لي أي : لأجلي لا تؤاخذني فغفر أي : أوقع المحو لذلك كما سأل إكراما له ثم علل ذلك [ ص: 258 ] بقوله مشيرا إلى أن صفة غيره عدم بالنسبة إلى صفته مؤكدا لذلك : إنه هو أي : وحده الغفور أي : البالغ في صفة الستر لكل من يريد الرحيم أي : العظيم الرحمة بالإحسان بالتوفيق إلى الأفعال المرضية لمقام الإلهية ، ولأجل أن هذه صفته ، رده إلى فرعون وقومه حين أرسله إليهم فلم يقدروا على مؤاخذته بذلك بقصاص ولا غيره بعد أن نجاه منهم قبل الرسالة على غير قياس.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية