nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=34nindex.php?page=treesubj&link=29011_19248_30549_19153كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم كبر مقتا عند الله وعند الذين آمنوا كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار .
جرى أكثر المفسرين على أن هذه الجمل حكاية لبقية كلام المؤمن وبعضهم جعل بعضها من حكاية كلام المؤمن وبعضها كلاما من الله تعالى ، وذلك من تجويز أن يكون قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35الذين يجادلون إلخ بدلا أو مبتدأ ، وسكت بعضهم عن ذلك مقتصرا على بيان المعنى دون تصد لبيان اتصالها بما قبلها .
والذي يظهر أن قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=34كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب إلى قوله ( جبار ) كله من كلام الله تعالى معترض بين كلام المؤمن وكلام
فرعون فإن هذا من المعاني الإسلامية قصد منه العبرة بحال المكذبين
بموسى تعريضا بمشركي
قريش ، أي كضلال قوم
فرعون يضل الله من هو مسرف مرتاب أمثالكم ، فكذلك يكون جزاؤكم ، ويؤيد هذا الوجه قوله في آخرها
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35وعند الذين آمنوا فإن مؤمن آل
فرعون لم يكن معه مؤمن
بموسى وهارون غيره ، وهذا من باب تذكر الشيء بضده . ومم يزيد يقينا بهذا أن وصف
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35الذين يجادلون في آيات الله تكرر أربع مرات من أول السورة ، ثم كان هنا وسطا في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=56إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه ، ثم كان خاتمة في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=69ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون .
[ ص: 142 ] والإشارة في قوله ( كذلك ) إلى الضلال المأخوذ من قوله ( يضل الله ) أي مثل ذلك الضلال يضل الله المسرفين المرتابين ، أي أن ضلال المشركين في تكذيبهم
محمدا صلى الله عليه وسلم مثل ضلال قوم
فرعون في تكذيبهم
موسى عليه السلام .
والخطاب بالكاف المقترنة باسم الإشارة خطاب للمسلمين .
والمسرف : المفرط في فعل لا خير فيه . والمرتاب : شديد الريب ، أي الشك .
وإسناد الإضلال إلى الله كإسناد نفي الهداية إليه في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=28إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب ، وتقدم آنفا .
وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35الذين يجادلون في آيات الله يجوز أن يكون مبتدأ خبره
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35كبر مقتا ويجوز أن يكون بدلا من ( من ) في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=34من هو مسرف مرتاب فبين أن ماصدق ( من ) جماعة لا واحد ، فروعي في
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=34من هو مسرف مرتاب لفظ ( من ) فأخبر عنه بالإفراد وروعي في البدل معنى ( من ) فأبدل منه موصول الجمع . وصلة ( الذين ) عرف بها المشركين قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=40إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا وقال في هذه السورة
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=4ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في البلاد .
واختيار المضارع في ( يجادلون ) لإفادة تجدد مجادلتهم وتكررها وأنهم لا ينفكون عنها . وهذا صريح في ذمهم وكناية عن ذم جدالهم الذي أوجب ضلالهم .
وفي الموصولية إيماء إلى علة إضلالهم ، أي سبب خلق الضلال في قلوبهم الإسراف بالباطل وتكرر مجادلتهم قصدا للباطل .
والمجادلة تكرير الاحتجاج لإثبات مطلوب المجادل وإبطال مطلوب من يخالفه قال تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=125وجادلهم بالتي هي أحسن ، فمن المجادلة في آيات الله المحاجة لإبطال دلالتها ، ومنها المكابرة فيها كما قالوا
[ ص: 143 ] nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=5قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب ، ومنها قطع الاستماع لها ، كما قال
عبد الله بن أبي ابن سلول في وقت صراحة كفره للنبيء صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002291وقد جاء النبيء صلى الله عليه وسلم مجلسا فيه ابن سلول فقرأ عليهم القرآن فقال عبد الله ابن سلول لا أحسن مما تقول أيها المرء ولا تغشنا به في مجلسنا واجلس في رحلك فمن جاءك فاقرأ عليه .
و
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35بغير سلطان متعلق ب ( يجادلون ) ، والباء للاستعانة ، والسلطان : الحجة . والمعنى : أنهم يجادلون بما ليس بحجة ولكن باللجاج والاستهزاء .
و ( أتاهم ) صفة ل ( سلطان ) ، والإتيان مستعار للظهور والحصول .
وحصول الحجة هو اعتقادها ولوحها في العقل ، أي يجادلون جدلا ليس مما تثيره العقول والنظر الفكري ولكنه تمويه وإسكات .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35كبر مقتا عند الله خبر ( إن ) من باب الإخبار بالإنشاء ، وهي إنشاء ذم جدالهم المقصود منه كم فم الحق ، أي كبر جدالهم مقتا عند الله ، ففاعل ( كبر ) ضمير الجدال المأخوذ من يجادلون على طريقة قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=8اعدلوا هو أقرب للتقوى .
و ( مقتا ) تمييز للكبر وهو تمييز نسبة محول عن الفاعل ، والتقدير : كبر مقت جدالهم .
وفعل ( كبر ) هنا ملحق بأفعال الذم مثل : ساء ، لأن وزن فعل بضم العين يجيء بمعنى : نعم وبئس ، ولو كانت ضمة عينه أصلية وبهذا تفظيع بالصراحة بعد أن استفيد من صلة الموصول أن جدالهم هو سبب إضلالهم ذلك الإضلال المكين ، فحصل بهذا الاستئناف تقرير فظاعة جدالهم بطريقي الكناية والتصريح .
والكبر : مستعار للشدة ، أي مقت جدالهم مقتا شديدا .
والمقت : شدة البغض ، وهو كناية عن شدة العقاب على ذلك من الله . وكونه مقتا عند الله تشنيع له وتفظيع .
[ ص: 144 ] أما عطف
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35وعند الذين آمنوا فلم أر في التفاسير الكثيرة التي بين يدي من عرج على فائدة عطف
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35وعند الذين آمنوا ماعدا
المهائمي في تبصرة الرحمن إذ قال
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35كبر مقتا عند الله وهو موجب للإضلال ويدل على أنه كبر مقتا أنه عند الذين آمنوا وهم المظاهر التي يظهر فيها ظهور الحق اهـ . وكلمة
المهائمي كلمة حسنة يعني أن كونه مقتا عند الله لا يحصل في علم الناس إلا بالخبر فزيد الخبر تأييدا بالمشاهدة فإن الذين آمنوا على قلتهم يومئذ يظهر بينهم بغض مجادلة المشركين وعندي : أن أظهر من هذا أن الله أراد التنويه بالمؤمنين ولم يرد إقناع المشركين فإنهم لا يعبأون ببغض المؤمنين ولا يصدقون ببغض الله إياهم ، فالمقصود الثناء على المؤمنين بأنهم يكرهون الباطل ، كما قال
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر مع الإشارة إلى تبجيل مكانتهم بأن ضمت عنديتهم إلى عندية الله تعالى على نحو قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=18شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=64يا أيها النبيء حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=62هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين ونحو قول النبيء صلى الله عليه وسلم لما ذكر حديث كلام الذئب فتعجب بعض من حضر فقال آمنت بذلك
وأبو بكر ولم يكن
أبو بكر في المجلس .
وفي إسناد كراهية
nindex.php?page=treesubj&link=19154الجدال في آيات الله بغير سلطان للمؤمنين تلقين للمؤمنين بالإعراض عن مجادلة المشركين على نحو ما في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=55وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه ، وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=63وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما وقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=72وإذا مروا باللغو مروا كراما .
والقول في
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35كذلك يطبع الله على كل قلب متكبر جبار كالقول في
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=34كذلك يضل الله من هو مسرف مرتاب .
والطبع : الختم ، وتقدم في قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=7ختم الله على قلوبهم في سورة البقرة .
والختم والطبع والأكنة : خلق الضلالة في القلب ، أي النفس .
والمتكبر : ذو الكبر المبالغ فيه ولذلك استعيرت صيغة التكلف .
[ ص: 145 ] والجبار : مثال مبالغة من الجبر ، وهو الإكراه ، فالجبار : الذي يكره الناس على ما لا يحبون عمله لظلمه .
وقرأ الجمهور
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35على كل قلب متكبر بإضافة ( قلب ) إلى ( متكبر ) ، وقرأ
أبو عمرو وحده
وابن ذكوان عن
عامر بتنوين ( قلب ) على أن يكون ( متكبر ) و ( جبار ) صفتين ل ( قلب ) ، ووصف القلب بالتكبر والجبر مجاز عقلي . والمقصود وصف صاحبه كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=283فإنه آثم قلبه لأنه سبب الإثم كما يقال : رأت عيني وسمعت أذني .
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=34nindex.php?page=treesubj&link=29011_19248_30549_19153كَذَلِكَ يَضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ .
جَرَى أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْجُمَلَ حِكَايَةً لِبَقِيَّةِ كَلَامِ الْمُؤْمِنِ وَبَعْضُهُمْ جَعَلَ بَعْضَهَا مِنْ حِكَايَةِ كَلَامِ الْمُؤْمِنِ وَبَعْضَهَا كَلَامًا مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ، وَذَلِكَ مِنْ تَجْوِيزِ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35الَّذِينَ يُجَادِلُونَ إِلَخْ بَدَلًا أَوْ مُبْتَدَأً ، وَسَكَتَ بَعْضُهُمْ عَنْ ذَلِكَ مُقْتَصِرًا عَلَى بَيَانِ الْمَعْنَى دُونَ تَصَدٍّ لِبَيَانِ اتِّصَالِهَا بِمَا قَبْلَهَا .
وَالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=34كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ إِلَى قَوْلِهِ ( جَبَّارٍ ) كُلُّهُ مِنْ كَلَامِ اللَّهِ تَعَالَى مُعْتَرِضٌ بَيْنَ كَلَامِ الْمُؤْمِنِ وَكَلَامٍ
فِرْعَوْنَ فَإِنَّ هَذَا مِنَ الْمَعَانِي الْإِسْلَامِيَّةِ قُصِدَ مِنْهُ الْعِبْرَةُ بِحَالِ الْمُكَذِّبِينَ
بِمُوسَى تَعْرِيضًا بِمُشْرِكِي
قُرَيْشٍ ، أَيْ كَضَلَالِ قَوْمِ
فِرْعَوْنِ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ أَمْثَالَكُمْ ، فَكَذَلِكَ يَكُونُ جَزَاؤُكُمْ ، وَيُؤَيِّدُ هَذَا الْوَجْهَ قَوْلُهُ فِي آخِرِهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ مُؤْمِنَ آلِ
فِرْعَوْنَ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مُؤْمِنٌ
بِمُوسَى وَهَارُونَ غَيْرُهُ ، وَهَذَا مِنْ بَابِ تَذَّكُّرِ الشَّيْءِ بِضِدِّهِ . وَمِمَّ يَزِيدُ يَقِينًا بِهَذَا أَنَّ وَصْفَ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ تَكَرَّرَ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ مَنْ أَوَّلِ السُّورَةِ ، ثُمَّ كَانَ هُنَا وَسَطًا فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=56إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ ، ثُمَّ كَانَ خَاتِمَةً فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=69أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ .
[ ص: 142 ] وَالْإِشَارَةُ فِي قَوْلِهِ ( كَذَلِكَ ) إِلَى الضَّلَالِ الْمَأْخُوذِ مِنْ قَوْلِهِ ( يُضِلُّ اللَّهُ ) أَيْ مِثْلَ ذَلِكَ الضَّلَالِ يَضِلُّ اللَّهُ الْمُسْرِفِينَ الْمُرْتَابِينَ ، أَيْ أَنَّ ضَلَالَ الْمُشْرِكِينَ فِي تَكْذِيبِهِمْ
مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ ضَلَالِ قَوْمِ
فِرْعَوْنَ فِي تَكْذِيبِهِمْ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ .
وَالْخِطَابُ بِالْكَافِ الْمُقْتَرِنَةِ بِاسْمِ الْإِشَارَةِ خِطَابٌ لِلْمُسْلِمِينَ .
وَالْمُسْرِفُ : الْمُفْرِطُ فِي فِعْلٍ لَا خَيْرَ فِيهِ . وَالْمُرْتَابُ : شَدِيدُ الرَّيْبِ ، أَيِ الشَّكِّ .
وَإِسْنَادُ الْإِضْلَالِ إِلَى اللَّهِ كَإِسْنَادِ نَفْيِ الْهِدَايَةِ إِلَيْهِ فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=28إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ ، وَتَقَدَّمَ آنِفًا .
وَقَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مُبْتَدَأً خَبَرُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35كَبُرَ مَقْتًا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَدَلًا مِنْ ( مَنْ ) فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=34مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ فَبَيَّنَ أَنَّ مَاصَدَقَ ( مَنْ ) جَمَاعَةٌ لَا وَاحِدٌ ، فَرُوعِيَ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=34مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ لَفَظُ ( مَنْ ) فَأُخْبِرَ عَنْهُ بِالْإِفْرَادِ وَرُوعِيَ فِي الْبَدَلِ مَعْنَى ( مَنْ ) فَأُبْدِلَ مِنْهُ مَوْصُولُ الْجَمْعِ . وَصِلَةُ ( الَّذِينَ ) عُرِفَ بِهَا الْمُشْرِكِينَ قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=40إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا وَقَالَ فِي هَذِهِ السُّورَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=4مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَا يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي الْبِلَادِ .
وَاخْتِيَارُ الْمُضَارِعِ فِي ( يُجَادِلُونَ ) لِإِفَادَةِ تَجَدُّدِ مُجَادَلَتِهِمْ وَتَكَرُّرِهَا وَأَنَّهُمْ لَا يَنْفَكُّونَ عَنْهَا . وَهَذَا صَرِيحٌ فِي ذَمِّهِمْ وَكِنَايَةٌ عَنْ ذَمِّ جِدَالِهِمْ الَّذِي أَوْجَبَ ضَلَالَهُمْ .
وَفِي الْمَوْصُولِيَّةِ إِيمَاءٌ إِلَى عِلَّةِ إِضْلَالِهِمْ ، أَيْ سَبَبُ خَلْقِ الضَّلَالِ فِي قُلُوبِهِمِ الْإِسْرَافُ بِالْبَاطِلِ وَتَكَرُّرُ مُجَادَلَتِهُمْ قَصْدًا لِلْبَاطِلِ .
وَالْمُجَادَلَةُ تَكْرِيرُ الِاحْتِجَاجِ لِإِثْبَاتِ مَطْلُوبِ الْمُجَادِلِ وَإِبْطَالِ مَطْلُوبِ مَنْ يُخَالِفُهُ قَالَ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=125وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ، فَمِنَ الْمُجَادَلَةِ فِي آيَاتِ اللَّهِ الْمُحَاجَّةُ لِإِبْطَالِ دَلَالَتِهَا ، وَمِنْهَا الْمُكَابَرَةُ فِيهَا كَمَا قَالُوا
[ ص: 143 ] nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=5قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ ، وَمِنْهَا قَطْعُ الِاسْتِمَاعِ لَهَا ، كَمَا قَالَ
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ ابْنِ سَلُولٍ فِي وَقْتِ صَرَاحَةِ كُفْرِهِ لِلنَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002291وَقَدْ جَاءَ النَّبِيءُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَجْلِسًا فِيهِ ابْنُ سَلُولٍ فَقَرَأَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ ابْنُ سَلُولٍ لَا أُحْسِنُ مِمَّا تَقُولُ أَيُّهَا الْمَرْءُ وَلَا تَغُشُّنَا بِهِ فِي مَجْلِسِنَا وَاجْلِسْ فِي رَحَّلَكَ فَمَنْ جَاءَكَ فَاقْرَأْ عَلَيْهِ .
وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35بِغَيْرِ سُلْطَانٍ مُتَعَلِّقٌ بِ ( يُجَادِلُونَ ) ، وَالْبَاءُ لِلِاسْتِعَانَةِ ، وَالسُّلْطَانِ : الْحُجَّةُ . وَالْمَعْنَى : أَنَّهُمْ يُجَادِلُونَ بِمَا لَيْسَ بِحُجَّةٍ وَلَكِنْ بِاللَّجَاجِ وَالِاسْتِهْزَاءِ .
وَ ( أَتَاهُمْ ) صِفَةٌ لِ ( سُلْطَانٍ ) ، وَالْإِتْيَانُ مُسْتَعَارٌ لِلظُّهُورِ وَالْحُصُولِ .
وَحُصُولُ الْحُجَّةِ هُوَ اعْتِقَادُهَا وَلَوْحُهَا فِي الْعَقْلِ ، أَيْ يُجَادِلُونَ جَدَلًا لَيْسَ مِمَّا تُثِيرُهُ الْعُقُولُ وَالنَّظَرُ الْفِكْرِيُّ وَلَكِنَّهُ تَمْوِيهٌ وَإِسْكَاتٌ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ خَبَرُ ( إِنَّ ) مِنْ بَابِ الْإِخْبَارِ بِالْإِنْشَاءِ ، وَهِيَ إِنْشَاءُ ذَمِّ جِدَالِهِمُ الْمَقْصُودِ مِنْهُ كَمُّ فَمِ الْحَقِّ ، أَيْ كَبُرَ جِدَالُهُمْ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ ، فَفَاعِلُ ( كَبُرَ ) ضَمِيرُ الْجِدَالِ الْمَأْخُوذِ مِنْ يُجَادِلُونَ عَلَى طَرِيقَةِ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=8اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى .
وَ ( مَقْتًا ) تَمْيِيزٌ لِلْكِبَرِ وَهُوَ تَمْيِيزُ نِسْبَةٍ مُحَوَّلٌ عَنِ الْفَاعِلِ ، وَالتَّقْدِيرُ : كَبُرَ مَقْتُ جِدَالِهِمْ .
وَفِعْلُ ( كَبُرَ ) هُنَا مُلْحَقٌ بِأَفْعَالِ الذَّمِّ مِثْلِ : سَاءَ ، لِأَنَّ وَزْنَ فَعُلَ بِضَمِّ الْعَيْنِ يَجِيءُ بِمَعْنَى : نِعْمَ وَبِئْسَ ، وَلَوْ كَانَتْ ضَمَّةُ عَيْنِهِ أَصْلِيَّةً وَبِهَذَا تَفْظِيعٌ بِالصَّرَاحَةِ بَعْدَ أَنِ اسْتُفِيدَ مِنْ صِلَةِ الْمَوْصُولِ أَنَّ جِدَالَهُمْ هُوَ سَبَبُ إِضْلَالِهِمْ ذَلِكَ الْإِضْلَالَ الْمَكِينَ ، فَحَصَلَ بِهَذَا الِاسْتِئْنَافِ تَقْرِيرُ فَظَاعَةِ جِدَالِهِمْ بِطَرِيقَيِ الْكِنَايَةِ وَالتَّصْرِيحِ .
وَالْكِبْرُ : مُسْتَعَارٌ لِلشِّدَّةِ ، أَيْ مَقَتَ جِدَالَهَمْ مَقْتًا شَدِيدًا .
وَالْمَقْتُ : شِدَّةُ الْبُغْضِ ، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ شِدَّةِ الْعِقَابِ عَلَى ذَلِكَ مِنَ اللَّهِ . وَكَوْنُهُ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ تَشْنِيعٌ لَهُ وَتَفْظِيعٌ .
[ ص: 144 ] أَمَّا عَطْفُ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا فَلَمْ أَرَ فِي التَّفَاسِيرِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي بَيْنَ يَدِيَّ مَنْ عَرَّجَ عَلَى فَائِدَةِ عَطْفِ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا مَاعَدَا
الْمَهَائِمِيَّ فِي تَبْصِرَةِ الرَّحْمَنِ إِذْ قَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ وَهُوَ مُوجِبٌ لِلْإِضْلَالِ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَبُرَ مَقْتًا أَنَّهُ عِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُمْ الْمَظَاهِرُ الَّتِي يَظْهَرُ فِيهَا ظُهُورُ الْحَقِّ اهـ . وَكَلِمَةُ
الْمَهَائِمِيِّ كَلِمَةٌ حَسَنَةٌ يَعْنِي أَنَّ كَوْنَهُ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ لَا يَحْصُلُ فِي عِلْمِ النَّاسِ إِلَّا بِالْخَبَرِ فَزِيدَ الْخَبَرُ تَأْيِيدًا بِالْمُشَاهَدَةِ فَإِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى قِلَّتِهِمْ يَوْمَئِذٍ يَظْهَرُ بَيْنَهُمْ بُغْضُ مُجَادَلَةِ الْمُشْرِكِينَ وَعِنْدِي : أَنَّ أَظْهَرَ مِنْ هَذَا أَنَّ اللَّهَ أَرَادَ التَّنْوِيهَ بِالْمُؤْمِنِينَ وَلَمْ يَرِدْ إِقْنَاعَ الْمُشْرِكِينَ فَإِنَّهُمْ لَا يَعْبَأُونَ بِبُغْضِ الْمُؤْمِنِينَ وَلَا يُصَدِّقُونَ بِبُغْضِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ ، فَالْمَقْصُودُ الثَّنَاءُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّهُمْ يَكْرَهُونَ الْبَاطِلَ ، كَمَا قَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=71وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ مَعَ الْإِشَارَةِ إِلَى تَبْجِيلِ مَكَانَتِهِمْ بِأَنْ ضُمَّتْ عِنْدِيَّتُهُمْ إِلَى عِنْدِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى نَحْوِ قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=18شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأَوْلَوُا الْعِلْمَ وَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=64يَا أَيُّهَا النَّبِيءُ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنْ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=62هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَنَحْوِ قَوْلِ النَّبِيءِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا ذَكَرَ حَدِيثَ كَلَامِ الذِّئْبِ فَتَعَجَّبَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَ فَقَالَ آمَنَتْ بِذَلِكَ
وَأَبُو بَكْرٍ وَلَمْ يَكُنْ
أَبُو بَكْرٍ فِي الْمَجْلِسِ .
وَفِي إِسْنَادِ كَرَاهِيَةِ
nindex.php?page=treesubj&link=19154الْجِدَالِ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ لِلْمُؤْمِنِينَ تَلْقِينٌ لِلْمُؤْمِنِينَ بِالْإِعْرَاضِ عَنْ مُجَادَلَةِ الْمُشْرِكِينَ عَلَى نَحْوِ مَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=55وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ ، وَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=63وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا وَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=72وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا .
وَالْقَوْلُ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ كَالْقَوْلِ فِي
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=34كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ .
وَالطَّبْعُ : الْخَتْمُ ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=7خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَالْخَتْمُ وَالطَّبْعُ وَالْأَكِنَّةُ : خَلْقُ الضَّلَالَةِ فِي الْقَلْبِ ، أَيِ النَّفْسِ .
وَالْمُتَكَبِّرُ : ذُو الْكِبْرِ الْمُبَالَغِ فِيهِ وَلِذَلِكَ اسْتُعِيرَتْ صِيغَةُ التَّكَلُّفِ .
[ ص: 145 ] وَالْجَبَّارُ : مِثَالُ مُبَالَغَةٍ مِنَ الْجَبْرِ ، وَهُوَ الْإِكْرَاهُ ، فَالْجَبَّارُ : الَّذِي يُكْرِهُ النَّاسَ عَلَى مَا لَا يُحِبُّونَ عَمَلَهُ لِظُلْمِهِ .
وَقَرَأَ الْجُمْهُورُ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ بِإِضَافَةِ ( قَلَبِ ) إِلَى ( مُتَكَبِّرٍ ) ، وَقَرَأَ
أَبُو عَمْرٍو وَحْدَهُ
وَابْنُ ذَكْوَانَ عَنْ
عَامِرٍ بِتَنْوِينِ ( قَلْبِ ) عَلَى أَنْ يَكُونَ ( مُتَكَبِّرٍ ) وَ ( جَبَّارٍ ) صِفَتَيْنِ لِ ( قَلْبِ ) ، وَوَصْفُ الْقَلْبِ بِالتَّكَبُّرِ وَالْجَبْرِ مَجَازٌ عَقْلِيٌّ . وَالْمَقْصُودُ وَصْفُ صَاحِبِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=283فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ لِأَنَّهُ سَبَبُ الْإِثْمِ كَمَا يُقَالُ : رَأَتْ عَيْنِي وَسَمِعَتْ أُذُنِي .