الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 164 ] الباب الثالث في بعض مناقب أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر الصديق - رضي الله تعالى عنهما -

                                                                                                                                                                                                                                وفيه أنواع :

                                                                                                                                                                                                                                الأول : في نسبها ومولدها .

                                                                                                                                                                                                                                تقدم نسب أبيها ، وأمها أم رومان بنت عامر بن عويمر ، روى أبو بكر بن أبي خيثمة عن علي بن (زيد) عن القاسم بن محمد أن أم رومان زوج أبي بكر الصديق أم عائشة - رضي الله تعالى عنهم - لما أدليت في قبرها ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «من سره أن ينظر إلى امرأة من الحور العين ، فلينظر إلى أم رومان » هذا الحديث بسطت الكلام عليه في شرح حديث الإفك ، وولدت بعد البعثة بأربع سنين أو خمس .

                                                                                                                                                                                                                                الثاني : في كنيتها : روى ابن الجوزي - في الصفوة - عنها - رضي الله تعالى عنها - قال : قلت : يا رسول الله ، ألا تكنيني ؟ قال : تكني بابنك ، يعني عبد الله بن الزبير .

                                                                                                                                                                                                                                وروى ابن حبان عنها قالت : لما ولد عبد الله بن الزبير أتيت به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتفل في فيه ، فكان أول شيء دخل في جوفه ، وقال : هو عبد الله ، وأنت أم عبد الله .

                                                                                                                                                                                                                                وروى أبو بكر بن أبي خيثمة عنها قالت : قلت : يا رسول الله إن لكل صواحبي كنى ، فلو كنيتني ! قال : اكتني بابنك عبد الله بن الزبير ، فكانت تكنى بأم عبد الله حتى ماتت .

                                                                                                                                                                                                                                وقيل : إنها ولدت من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولدا مات طفلا ، وهذا غير ثابت ، والصحيح الأول ، لأنه ورد عنها من طرق كثيرة .

                                                                                                                                                                                                                                الثالث : في تسميتها - رضي الله تعالى عنها - .

                                                                                                                                                                                                                                روى الترمذي - في الشمائل - عن ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «من كان له فرطان من أمتي أدخله الله الجنة » . قالت عائشة - رضي الله تعالى عنها - فمن يكن له فرط من أمتك . قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «من كان له فرط يا موفقة » قالت : فمن لم يكن له فرط من أمتك ؟ قال - صلى الله عليه وسلم - : «فأنا فرط أمتي لم يصابوا بمثلي لن يصابوا بمثلي » .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 165 ] الرابع : في هجرتها - رضي الله تعالى عنها -

                                                                                                                                                                                                                                روى الطبراني بإسناد حسن عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - قالت : قدمنا مهاجرين فسلكنا في مسالك صعبة ، فنفر بي جمل كنت عليه نفورا منكرا ، فوالله ما أنسى قول أمي يا عربسة ، فركب بي رأسه ، فسمعت قائلا يقول : ألقي خطامه فألقيته ، فقام يستدير كأنما إنسان يديره ، كأنما إنسان قام تحته .

                                                                                                                                                                                                                                الخامس : في بيان إتيان جبريل النبي - صلى الله عليه وسلم - بصورتها وإخباره - عز وجل - أنها زوجته .

                                                                                                                                                                                                                                روى الإمام أحمد والشيخان عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - قالت : قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «رأيتك في المنام قبل أن أتزوجك مرتين » وفي لفظ : «ثلاث ليال ، جاءني بك ملك في خرقة من حرير فيقول : هذه امرأتك فيكشف عن وجهها ، فإذا هي أنت ، فأقول إن يك من عند الله يمضه .

                                                                                                                                                                                                                                وروى الترمذي وحسنه وابن عساكر عنها - رضي الله تعالى عنها - قالت : جاء بي جبريل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في خرقة حرير خضراء ، فقال : هذه زوجتك في الدنيا والآخرة وروى ابن عساكر عنها - رضي الله تعالى عنها - قالت : ما تزوجني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى أتاه جبريل - صلى الله عليه وسلم - بصورتي فقال : هذه زوجتك في الدنيا والآخرة ، تزوجني وإني لجارية على حرف فلما تزوجني أوقع الله علي الحياء .

                                                                                                                                                                                                                                روى الترمذي عن عمر - رضي الله تعالى عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : «أتاني جبريل فقال إن الله - عز وجل - زوجك بابنة أبي بكر ومعه صورة عائشة » .

                                                                                                                                                                                                                               

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية