الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا ( 89 ) ولقد قال لهم هارون من قبل يا قوم إنما فتنتم به وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري ( 90 ) قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى ( 91 ) )

يقول تعالى ذكره موبخا عبدة العجل ، والقائلين له ( هذا إلهكم وإله موسى فنسي ) وعابهم بذلك ، وسفه أحلامهم بما فعلوا ونالوا منه : أفلا يرون أن العجل الذي [ ص: 358 ] زعموا أنه إلههم وإله موسى لا يكلمهم ، وإن كلموه لم يرد عليهم جوابا ، ولا يقدر على ضر ولا نفع ، فكيف يكون ما كانت هذه صفته إلها ؟ كما حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم . قال : ثنا عيسى " ح " وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا عن ابن أبي نجيح عن مجاهد ( ألا يرجع إليهم قولا ) العجل .

حدثنا القاسم قال : ثنا الحسين قال : ثني حجاج عن ابن جريج عن مجاهد ( أفلا يرون ألا يرجع إليهم قولا ) قال : العجل .

حدثنا بشر قال : ثنا يزيد قال : ثنا سعيد عن قتادة قال الله ( أفلا يرون ألا يرجع إليهم ) ذلك العجل الذي اتخذوه ( قولا ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا ) .

وقوله ( ولقد قال لهم هارون من قبل ) يقول : لقد قال لعبدة العجل من بني إسرائيل هارون من قبل رجوع موسى إليهم ، وقيله لهم ما قال مما أخبر الله عنه ( إنما فتنتم به ) يقول : إنما اختبر الله إيمانكم ومحافظتكم على دينكم بهذا العجل الذي أحدث فيه الخوار ، ليعلم به الصحيح الإيمان منكم من المريض القلب الشاك في دينه .

كما حدثني موسى قال : ثنا عمرو قال : ثنا أسباط عن السدي قال لهم هارون : ( إنما فتنتم به ) يقول : إنما ابتليتم به ، يقول : بالعجل .

وقوله ( وإن ربكم الرحمن فاتبعوني وأطيعوا أمري ) يقول : وإن ربكم الرحمن الذي يعم جميع الخلق نعمه ، فاتبعوني على ما آمركم به من عبادة الله ، وترك عبادة العجل ، وأطيعوا أمري فيما آمركم به من طاعة الله ، وإخلاص العبادة له ، وقوله ( قالوا لن نبرح عليه عاكفين ) يقول : قال عبدة العجل من قوم موسى : لن نزال على العجل مقيمين نعبده حتى يرجع إلينا موسى .

التالي السابق


الخدمات العلمية