الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      باب الصلاة بجمع

                                                                      1926 حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعا حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا حماد بن خالد عن ابن أبي ذئب عن الزهري بإسناده ومعناه وقال بإقامة إقامة جمع بينهما قال أحمد قال وكيع صلى كل صلاة بإقامة حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا شبابة ح و حدثنا مخلد بن خالد المعنى أخبرنا عثمان بن عمر عن ابن أبي ذئب عن الزهري بإسناد ابن حنبل عن حماد ومعناه قال بإقامة واحدة لكل صلاة ولم يناد في الأولى ولم يسبح على إثر واحدة منهما قال مخلد لم يناد في واحدة منهما [ ص: 315 ]

                                                                      التالي السابق


                                                                      [ ص: 315 ] بفتح الجيم وسكون الميم هو المزدلفة .

                                                                      ( صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعا ) : قال الخطابي : هذا سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجمع بين هاتين الصلاتين بالمزدلفة في وقت الآخرة منهما ، كما سن الجمع بين الظهر والعصر بعرفة في الأولى منهما ، ومعناه الرخصة دون العزيمة إلا أن المستحب متابعة السنة والتمسك بها ، واختلفوا فيمن فرق بين هاتين الصلاتين فصلى كل واحدة منهما في وقتهما ، صلاهما قبل أن ينزل المزدلفة ، فقال أكثر الفقهاء : إن ذلك يجزئه مع الكراهة لفعله . وقال أبو حنيفة وأصحابه : إن صلاهما قبل أن يأتي جمعا كان عليه الإعادة ، وحكى نحوا من هذا عن سفيان الثوري غير أنهم قالوا : إن من فرق بين الظهر والعصر أجزأه على الكراهة ، ولم يروا عليه الإعادة .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه البخاري ومسلم والنسائي .

                                                                      في رواية بإقامة جمع بينهما . وفي رواية صلى كل صلاة بإقامة . وفي رواية الشافعي ومن وافقه أنه يقيم لكل واحد منهما لا يؤذن لواحدة منهما ، انتهى .

                                                                      [ ص: 316 ] ( شبابة ) : هو ابن سوار فهو وعثمان بن عمر كلاهما يرويان عن ابن أبي ذئب ( ولم يناد في الأول ) : أي لم يؤذن في الأولى وتخصيص الأولى ؛ لأنه إذا لم يكن أذان في الأولى ففي الثانية بالأولى ( ولم يسبح ) : أي لم يصل النافلة ، ( في هذا المكان بإقامة واحدة ) : قال الخطابي : اختلف الفقهاء في ذلك ، فقال الشافعي : لا يؤذن ويصليهما بإقامتين ، وذلك أن الأذان إنما سن لصلاة الوقت وصلاة المغرب لم تصل في وقتها ، فلا يؤذن لها كما لا يؤذن للعصر بعرفة ، وكذلك قال إسحاق بن راهويه .

                                                                      قال أبو حنيفة وأصحابه : يؤذن للأولى ويقام لها ثم يقام للأخرى بلا أذان ، وقد روي هذا في حديث ابن محمد عن أبيه عن جابر في قصة الحج أنه فعلها بأذان وإقامتين . وقال مالك : يؤذن لكل صلاة فيقام لها فيصلي بأذانين وإقامتين . وقال سفيان الثوري : يجمعان بإقامة واحدة على حديث ابن عمر من رواية أبي إسحاق . وقال أحمد أيهما فعلت أجزأك انتهى .

                                                                      [ ص: 317 ] وقال النووي : وقد سبق في حديث جابر الطويل في صفة حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ، وهذه الرواية متقدمة لأن مع جابر - رضي الله عنه - زيادة علم ، وزيادة الثقة مقبولة ؛ ولأن جابرا اعتنى الحديث ونقل حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - مستقصاة فهو أولى بالاعتماد ، وهذا هو الصحيح من مذهب الشافعي أنه يستحب الأذان للأولى منهما ويقيم لكل واحدة إقامة ، فيصليهما بأذان وإقامتين ، ويتأول حديث إقامة واحدة أن كل صلاة لها إقامة ولا بد من هذا ليجمع بين الروايات .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه الترمذي وقال حسن صحيح .




                                                                      الخدمات العلمية