الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3899 ) . مسألة قال : ( وكل من قلت : القول قوله . فلخصمه عليه اليمين )

                                                                                                                                            يعني في هذا الباب وفيما أشبهه ، مثل أن يقول : عندي ألف . ثم قال : وديعة . أو قال : علي . ثم قال : وديعة . أو قال : له عندي رهن . فقال المالك : وديعة . ومثل الشريك والمضارب والمنكر للدعوى ، وإذا اختلفا في قيمة الرهن أو قدره ، أو قدر الدين الذي الرهن به ، وأشباه هذا ، فكل من قلنا القول

                                                                                                                                            قوله . فعليه لخصمه اليمين . لقول النبي صلى الله عليه وسلم : { لو أعطي الناس بدعاويهم لادعى قوم دماء قوم وأموالهم ، ولكن اليمين على المدعى عليه } . رواه مسلم .

                                                                                                                                            ولأن اليمين يشرع في حق من ظهر صدقه ، وقوي جانبه ، تقوية لقوله واستظهارا ، والذي جعل القول قوله كذلك ، فيجب أن تشرع اليمين في حقه . ( 3900 ) فصل : إذا أقر أنه وهب وأقبض الهبة ، أو رهن وأقبض ، أو أقر أنه قبض ثمن المبيع ، أو أجر المستأجر ، ثم أنكر ذلك ، وسأل إحلاف خصمه ، ففيه روايتان ; إحداهما ، لا يستحلف .

                                                                                                                                            وهو قول أبي حنيفة ومحمد لأن دعواه تكذيب لإقراره ، فلا تسمع ، كما لو أقر المضارب أنه ربح ألفا ، ثم قال : غلطت .

                                                                                                                                            ولأن الإقرار أقوى من البينة ، ولو شهدت البينة فقال : أحلفوه لي مع بينته . لم يستحلف ، كذا هاهنا . والثانية ، يستحلف . وهو قول الشافعي وأبي يوسف لأن العادة جارية بالإقرار قبل القبض ، فيحتمل صحة ما قاله ، فينبغي أن يستحلف خصمه لنفي الاحتمال .

                                                                                                                                            ويفارق الإقرار البينة لوجهين ; أحدهما ، أن العادة جارية بالإقرار بالقبض قبله ، ولم تجر العادة بالشهادة على القبض قبله ; لأنها تكون شهادة زور .

                                                                                                                                            والثاني ، أن إنكاره مع الشهادة طعن في البينة ، وتكذيب لها ، وفي الإقرار بخلافه . ولم يذكر القاضي في " المجرد " غير هذا الوجه . وكذلك لو أقر أنه اقترض منه ألفا وقبضها ، أو قال : له علي ألف . ثم قال : ما كنت قبضتها ، وإنما أقررت لأقبضها . فالحكم كذلك .

                                                                                                                                            ولأنه يمكن أن يكون قد أقر بقبض ذلك بناء على قول وكيله وظنه ، والشهادة لا تجوز إلا على اليقين . فأما إن أقر أنه وهبه طعاما ، ثم قال : ما أقبضتكه . وقال المتهب : بل أقبضتنيه . فالقول قول الواهب ; لأن الأصل عدم القبض .

                                                                                                                                            وإن كانت في يد المتهب ، فقال : أقبضتنيها . فقال : بل أخذتها مني بغير إذني . فالقول قول الواهب أيضا ; لأن الأصل عدم الإذن . وإن كانت حين الهبة في يد المتهب ، لم يعتبر إذن الواهب ، وإنما يعتبر مضي مدة يتأتى القبض فيها . وعلى من قلنا : القول قوله . منهما اليمين ; لما ذكرنا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية