الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 213 ] يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم [11]

                                                                                                                                                                                                                                        جزم بالنهي . وروى الضحاك عن ابن عباس أن بعضهم كان يقول لبعض : إنك لغير رشيد ، وما أشبه ذلك ، يستهزئ به فنزل هذا ، وهو من بني تميم ( ولا تلمزوا أنفسكم ) نهي أيضا . قال عكرمة عن ابن عباس : أي لا يعب بعضكم بعضا . وسمعت علي بن سليمان يقول : اللمز في اللغة أن يعيب بالحضرة ، والهمز في الغيبة . وقال أبو العباس محمد بن يزيد : اللمز يكون باللسان والعين يعيبه ويحدد إليه النظر وتشير إليه بالاستنقاص ، والهمز لا يكون إلا باللسان في الحضرة والغيبة ، وأكثر ما يكون في الغيبة . فهذا شرح بين . وقد أنشد أبو العباس لزياد الأعجم :


                                                                                                                                                                                                                                        إذا لقيتك تبدي لي مكاشرة وإن تغيبت كنت الهامز اللمزه



                                                                                                                                                                                                                                        قال محمد بن يزيد : واللمز كالغيبة قال : والنبز اللقب الثابت : قال : والمنابزة الإشاعة والإذاعة به . قال أبو جعفر : فأما اللقب فقد جاء التوقيف فيه عمن حضر التنزيل وعرف نزول الآية فيم نزلت ، كما قرئ على أحمد بن شعيب عن حميد بن مسعدة قال : أخبرنا بشر عن داود عن الشعبي قال : قال أبو جبيرة فينا نزلت هذه الآية في بني سلمة ، قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وللرجل منا اسمان وثلاثة فكان يدعى باسم منها فيقال : يا رسول الله إنه [ ص: 214 ] يغضب منه فنزلت ( ولا تنابزوا بالألقاب ) فأما حديث الضحاك عن ابن عباس كان الرجل يقول للآخر : يا كافر يا فاسق ، فنزلت ( ولا تنابزوا بالألقاب ) فإسناد الأول أصح منه ، ولو صح هذا لم يكن ناقضا للأول ، لأن المعنى في اللقب على ما قال محمد بن يزيد وغيره . أنه كلما كان ذائعا يغضب الإنسان منه ويكره قائله أن يلقى صاحبه به ويكرهه المقول له به فمحظور التنابز به . ( بئس الاسم الفسوق ) رفع بالابتداء والتقدير الفسوق بعد أن آمنتم بئس الاسم ( ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون ) قال الضحاك عن ابن عباس : من لم يتب من هذا القول .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية