nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=69nindex.php?page=treesubj&link=29011ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=70الذين كذبوا بالكتاب وبما أرسلنا به رسلنا فسوف يعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=71إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=72في الحميم ثم في النار يسجرون .
بنيت هذه السورة على
nindex.php?page=treesubj&link=28903_19153إبطال جدل الذين يجادلون في آيات الله جدال التكذيب والتورك كما تقدم في أول السورة إذ كان من أولها قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=4ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا وتكرر ذلك خمس مرات فيها ، فنبه على إبطال جدالهم في مناسبات الإبطال كلها إذ ابتدئ بإبطاله على الإجمال عقب الآيات الثلاث من أولها بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=4ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا ثم بإبطاله بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم كبر مقتا عند الله ، ثم بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=56إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ثم بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=69ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله أنى يصرفون .
وذلك كله إيماء إلى أن الباعث لهم على المجادلة في آيات الله هو ما اشتمل عليه القرآن من
nindex.php?page=treesubj&link=28675إبطال الشرك فلذلك أعقب كل طريقة من طرائق إبطال شركهم بالإنحاء على جدالهم في آيات الله ، فجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=69ألم تر إلى الذين يجادلون في آيات الله مستأنفة للتعجيب من حال انصرافهم عن التصديق بعد تلك الدلائل البينة .
والاستفهام مستعمل في التقرير وهو منفي لفظا ، والمراد به : التقرير على الإثبات ، كما تقدم غير مرة ، منها عند قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=260قال أولم تؤمن في سورة البقرة .
والرؤية علمية ، وفعلها معلق عن العمل بالاستفهام بـ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=69أنى يصرفون ، وأنى بمعنى كيف ، وهي مستعملة في التعجيب مثل قوله
[ ص: 201 ] nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=47أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر أي أرأيت عجيب انصرافهم عن التصديق بالقرآن بصارف غير بين منشؤه ، ولذلك بني فعل يصرفون للنائب لأن سبب صرفهم عن الآيات ليس غير أنفسهم .
ويجوز أن تكون أنى بمعنى أين ، أي ألا تعجب من أين يصرفهم صارف عن الإيمان حتى جادلوا في آيات الله مع أن شبه انصرافهم عن الإيمان منتفية بما تكرر من دلائل الآفاق وأنفسهم وبما شاهدوا من عاقبة الذين جادلوا في آيات الله ممن سبقهم ، وهذا كما يقول المتعجب من فعل أحد أين يذهب بك .
وبناء فعل يصرفون للمجهول على هذا الوجه للتعجب من الصارف الذي يصرفهم وهو غير كائن في مكان غير نفوسهم .
وأبدل
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=70الذين كذبوا بالكتاب من
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=69الذين يجادلون لأن صلتي الموصولين صادقتان على شيء واحد ، فالتكذيب هو ماصدق الجدال ، والكتاب : القرآن .
وعطف وبما أرسلنا به رسلنا يجوز أن يكون على أصل العطف مقتضيا المغايرة ، فيكون المراد :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=70وبما أرسلنا به رسلنا من الكتب قبل نزول القرآن ، فيكون تكذيبهم ما أرسلت به الرسل مرادا به تكذيبهم جميع الأديان كقوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=91وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل على بشر من شيء ، ويحتمل أنه أريد به التكذيب بالبعث فلعلهم لما جاءهم
محمد - صلى الله عليه وسلم - بإثبات البعث سألوا عنه أهل الكتاب فأثبتوه فأنكر المشركون جميع الشرائع لذلك .
ويجوز أن يكون عطف مرادف فائدته التوكيد ، والمراد بـ رسلنا
محمد - صلى الله عليه وسلم - كقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=105كذبت قوم نوح المرسلين يعني الرسول
نوحا على أن في العطف فائدة زائدة على ما في المعطوف عليه وهي أن مما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - مواعظ وإرشادا كثيرا ليس من القرآن .
وتفرع على تكذيبهم وعيدهم بما سيلقونه يوم القيامة فقيل
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=70فسوف يعلمون ،
[ ص: 202 ] أي سوف يجدون العذاب الذي كانوا يجادلون فيه فيعلمونه . وعبر عن وجدانهم العذاب بالعلم به بمناسبة استمرارهم على جهلهم بالبعث وتظاهرهم بعد فهم ما يقوله الرسول - صلى الله عليه وسلم - فأنذروا بأن ما جهلوه سيتحققونه يومئذ كقول الناس : ستعرف منه ما تجهل ، قال
أبو علي البصير :
فتذم رأيك في الذين خصصتهم دوني وتعرف منهم ما تجهل
وحذف مفعول يعلمون لدلالة كذبوا بالكتاب عليه ، أي يتحققون ما كذبوا به .
والظرف الذي في قوله
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=71إذ الأغلال في أعناقهم متعلق ب ( يعلمون ) أي يعلمون في ذلك الزمن . وشأن إذ أن تكون اسما للزمن الماضي واستعملت هنا للزمن المستقبل بقرينة سوف فهو إما استعمال المجاز بعلاقة الإطلاق ، وإما استعارة تبعية للزمن المستقبل المحقق الوقوع تشبيها بالزمن الماضي وقد تكرر ذلك . ومنه اقترانها بـ ( يوم ) في نحو قوله يومئذ تحدث أخبارها ، وقوله يومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ، وأول ما يعلمونه حين تكون الأغلال في أعناقهم أنهم يتحققون وقوع البعث .
والأغلال : جمع غل ، بضم الغين ، وهو حلقة من قد أو حديد تحيط بالعنق تناط بها سلسلة من حديد ، أو سير من قد يمسك بها المجرم والأسير .
والسلاسل : جمع سلسلة بكسر السينين وهي مجموع حلق غليظة من حديد متصل بعضها ببعض .
ومن المسائل ما رأيته أن الشيخ
nindex.php?page=showalam&ids=14120ابن عرفة كان يوما في درسه في التفسير سئل : هل تكون هذه الآية سندا لما يفعله أمراء المغرب - أصلحهم الله - من
nindex.php?page=treesubj&link=30351وضع الجناة بالأغلال والسلاسل جريا على حكم القياس على فعل الله في العقوبات كما استنبطوا بعض صور عقاب من عمل
قوم لوط من الرجم بالحجارة ، أو الإلقاء من شاهق . فأجاب بالمنع لأن وضع الغل في العنق ضرب من التمثيل وإنما يوثق الجاني من يده ، قال : لأنهم إنما قاسوا على فعل الله في الدنيا ولا يقاس على
[ ص: 203 ] تصرفه في الآخرة
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002299لنهي النبيء - صلى الله عليه وسلم - عن الإحراق بالنار ، وقوله إنما يعذب بها رب العزة .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=71يسحبون nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=72في الحميم حال من ضمير أعناقهم أو من ضمير يعلمون .
والسحب : الجر ، وهو يجمع بين الإيلام والإهانة . والحميم : أشد الحر .
و ( ثم ) عاطفة جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=72في النار يسجرون على جملة يسحبون في الحميم ، وشأن ( ثم ) إذا عطفت الجمل أن تكون للتراخي الرتبي ، وذلك أن احتراقهم بالنار أشد في تعذيبهم من سحبهم على النار ، فهو ارتقاء في
nindex.php?page=treesubj&link=30438وصف التعذيب الذي أجمل بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=70فسوف يعلمون والسجر بالنار حاصل عقب السحب سواء كان بتراخ أم بدونه .
والسجر : ملء التنور بالوقود لتقوية النار فيه ، فإسناد فعل يسجرون إلى ضميرهم إسناد مجازي لأن الذي يسجر هو مكانهم من جهنم ، فأريد بإسناد المسجور إليهم المبالغة في تعلق السجر بهم ، أو هو استعارة تبعية بتشبيههم بالتنور في استقرار النار بباطنهم كما قال تعالى يصهر به ما في بطونهم والجلود .
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=69nindex.php?page=treesubj&link=29011أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=70الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=71إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=72فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ .
بُنِيَتْ هَذِهِ السُّورَةُ عَلَى
nindex.php?page=treesubj&link=28903_19153إِبْطَالِ جَدَلِ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ جِدَالَ التَّكْذِيبِ وَالتَّوَرُّكِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ السُّورَةِ إِذْ كَانَ مِنْ أَوَّلِهَا قَوْلُهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=4مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ خَمْسَ مَرَّاتٍ فِيهَا ، فَنَبَّهَ عَلَى إِبْطَالِ جِدَالِهِمْ فِي مُنَاسَبَاتِ الْإِبْطَالِ كُلِّهَا إِذِ ابْتُدِئَ بِإِبْطَالِهِ عَلَى الْإِجْمَالِ عَقِبَ الْآيَاتِ الثَّلَاثِ مِنْ أَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=4مَا يُجَادِلُ فِي آيَاتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ بِإِبْطَالِهِ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=35الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ ، ثُمَّ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=56إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ ثُمَّ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=69أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ أَنَّى يُصْرَفُونَ .
وَذَلِكَ كُلُّهُ إِيمَاءٌ إِلَى أَنَّ الْبَاعِثَ لَهُمْ عَلَى الْمُجَادَلَةِ فِي آيَاتِ اللَّهِ هُوَ مَا اشْتَمَلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ مِنْ
nindex.php?page=treesubj&link=28675إِبْطَالِ الشِّرْكِ فَلِذَلِكَ أَعْقَبَ كُلَّ طَرِيقَةٍ مِنْ طَرَائِقِ إِبْطَالِ شِرْكِهِمْ بِالْإِنْحَاءِ عَلَى جِدَالِهِمْ فِي آيَاتِ اللَّهِ ، فَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=69أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ مُسْتَأْنَفَةٌ لِلتَّعْجِيبِ مِنْ حَالِ انْصِرَافِهِمْ عَنِ التَّصْدِيقِ بَعْدَ تِلْكَ الدَّلَائِلِ الْبَيِّنَةِ .
وَالِاسْتِفْهَامُ مُسْتَعْمَلٌ فِي التَّقْرِيرِ وَهُوَ مَنْفِيٌّ لَفْظًا ، وَالْمُرَادُ بِهِ : التَّقْرِيرُ عَلَى الْإِثْبَاتِ ، كَمَا تَقَدَّمَ غَيْرَ مَرَّةٍ ، مِنْهَا عِنْدَ قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=260قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِنْ فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَالرُّؤْيَةُ عِلْمِيَّةٌ ، وَفِعْلُهَا مُعَلَّقٌ عَنِ الْعَمَلِ بِالِاسْتِفْهَامِ بِـ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=69أَنَّى يُصْرَفُونَ ، وَأَنَّى بِمَعْنَى كَيْفَ ، وَهِيَ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي التَّعْجِيبِ مِثْلَ قَوْلِهِ
[ ص: 201 ] nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=47أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ أَيْ أَرَأَيْتَ عَجِيبَ انْصِرَافِهِمْ عَنِ التَّصْدِيقِ بِالْقُرْآنِ بِصَارِفٍ غَيْرِ بَيِّنٍ مَنْشَؤُهُ ، وَلِذَلِكَ بُنِيَ فِعْلُ يُصْرَفُونَ لِلنَّائِبِ لِأَنَّ سَبَبَ صَرْفِهِمْ عَنِ الْآيَاتِ لَيْسَ غَيْرَ أَنْفُسِهِمْ .
وَيَجُوزُ أَنْ تَكُونَ أَنَّى بِمَعْنَى أَيْنَ ، أَيْ أَلَا تَعْجَبُ مِنْ أَيْنَ يَصْرِفُهُمْ صَارِفٌ عَنِ الْإِيمَانِ حَتَّى جَادَلُوا فِي آيَاتِ اللَّهِ مَعَ أَنَّ شُبَهَ انْصِرَافِهِمْ عَنِ الْإِيمَانِ مُنْتَفِيَةٌ بِمَا تَكَرَّرَ مِنْ دَلَائِلِ الْآفَاقِ وَأَنْفُسِهِمْ وَبِمَا شَاهَدُوا مِنْ عَاقِبَةِ الَّذِينَ جَادَلُوا فِي آيَاتِ اللَّهِ مِمَّنْ سَبَقَهُمْ ، وَهَذَا كَمَا يَقُولُ الْمُتَعَجِّبُ مِنْ فِعْلِ أَحَدٍ أَيْنَ يُذْهَبُ بِكَ .
وَبِنَاءُ فِعْلِ يُصْرَفُونَ لِلْمَجْهُولِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِلتَّعَجُّبِ مِنَ الصَّارِفِ الَّذِي يَصْرِفُهُمْ وَهُوَ غَيْرُ كَائِنٍ فِي مَكَانٍ غَيْرِ نُفُوسِهِمْ .
وَأَبْدَلَ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=70الَّذِينَ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ مِنَ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=69الَّذِينَ يُجَادِلُونَ لِأَنَّ صِلَتَيِ الْمَوْصُولَيْنِ صَادِقَتَانِ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ ، فَالتَّكْذِيبُ هُوَ مَاصَدَقَ الْجِدَالِ ، وَالْكِتَابُ : الْقُرْآنُ .
وَعَطْفُ وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَلَى أَصْلِ الْعَطْفِ مُقْتَضِيًا الْمُغَايَرَةَ ، فَيَكُونُ الْمُرَادُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=70وَبِمَا أَرْسَلْنَا بِهِ رُسُلَنَا مِنَ الْكُتُبِ قَبْلَ نُزُولِ الْقُرْآنِ ، فَيَكُونُ تَكْذِيبُهُمْ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ الرُّسُلُ مُرَادًا بِهِ تَكْذِيبُهُمْ جَمِيعَ الْأَدْيَانِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=91وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أُنْزِلَ عَلَى بِشْرٍ مِنْ شَيْءٍ ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ التَّكْذِيبُ بِالْبَعْثِ فَلَعَلَّهُمْ لَمَّا جَاءَهُمْ
مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِإِثْبَاتِ الْبَعْثِ سَأَلُوا عَنْهُ أَهْلَ الْكِتَابِ فَأَثْبَتُوهُ فَأَنْكَرَ الْمُشْرِكُونَ جَمِيعَ الشَّرَائِعِ لِذَلِكَ .
وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عَطْفَ مُرَادِفٍ فَائِدَتُهُ التَّوْكِيدُ ، وَالْمُرَادُ بِـ رُسُلَنَا
مُحَمَّدٌ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=105كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ يَعْنِي الرَّسُولَ
نُوحًا عَلَى أَنَّ فِي الْعَطْفِ فَائِدَةً زَائِدَةً عَلَى مَا فِي الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ وَهِيَ أَنَّ مِمَّا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَوَاعِظَ وَإِرْشَادًا كَثِيرًا لَيْسَ مِنَ الْقُرْآنِ .
وَتَفَرَّعَ عَلَى تَكْذِيبِهِمْ وَعِيدُهُمْ بِمَا سَيَلْقَوْنَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقِيلَ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=70فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ،
[ ص: 202 ] أَيْ سَوْفَ يَجِدُونَ الْعَذَابَ الَّذِي كَانُوا يُجَادِلُونَ فِيهِ فَيَعْلَمُونَهُ . وَعَبَّرَ عَنْ وِجْدَانِهِمُ الْعَذَابَ بِالْعِلْمِ بِهِ بِمُنَاسَبَةِ اسْتِمْرَارِهِمْ عَلَى جَهْلِهِمْ بِالْبَعْثِ وَتَظَاهُرِهِمْ بَعْدَ فَهْمِ مَا يَقُولُهُ الرَّسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأُنْذِرُوا بِأَنَّ مَا جَهِلُوهُ سَيَتَحَقَّقُونَهُ يَوْمَئِذٍ كَقَوْلِ النَّاسِ : سَتَعْرِفُ مِنْهُ مَا تَجْهَلُ ، قَالَ
أَبُو عَلِيٍّ الْبَصِيرُ :
فَتَذُمُّ رَأْيَكَ فِي الَّذِينَ خَصَصْتَهُمْ دُونِي وَتَعْرِفُ مِنْهُمْ مَا تَجْهَلُ
وَحُذِفَ مَفْعُولُ يَعْلَمُونَ لِدَلَالَةِ كَذَّبُوا بِالْكِتَابِ عَلَيْهِ ، أَيْ يَتَحَقَّقُونَ مَا كَذَّبُوا بِهِ .
وَالظَّرْفُ الَّذِي فِي قَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=71إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ مُتَعَلِّقٌ بِ ( يَعْلَمُونَ ) أَيْ يَعْلَمُونَ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ . وَشَأْنُ إِذْ أَنْ تَكُونَ اسْمًا لِلزَّمَنِ الْمَاضِي وَاسْتُعْمِلَتْ هُنَا لِلزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ بِقَرِينَةِ سَوْفَ فَهُوَ إِمَّا اسْتِعْمَالُ الْمَجَازِ بِعَلَاقَةِ الْإِطْلَاقِ ، وَإِمَّا اسْتِعَارَةٌ تَبَعِيَّةٌ لِلزَّمَنِ الْمُسْتَقْبَلِ الْمُحَقَّقِ الْوُقُوعِ تَشْبِيهًا بِالزَّمَنِ الْمَاضِي وَقَدْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ . وَمِنْهُ اقْتِرَانُهَا بِـ ( يَوْمَ ) فِي نَحْوِ قَوْلِهِ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا ، وَقَوْلِهِ يَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ ، وَأَوَّلُ مَا يَعْلَمُونَهُ حِينَ تَكُونُ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ أَنَّهُمْ يَتَحَقَّقُونَ وُقُوعَ الْبَعْثِ .
وَالْأَغْلَالُ : جَمْعُ غُلٍّ ، بِضَمِّ الْغَيْنِ ، وَهُوَ حَلَقَةٌ مِنْ قِدٍّ أَوْ حَدِيدٍ تُحِيطُ بِالْعُنُقِ تُنَاطُ بِهَا سِلْسِلَةٌ مِنْ حَدِيدٍ ، أَوْ سَيْرٌ مِنْ قِدٍّ يُمْسَكُ بِهَا الْمُجْرِمُ وَالْأَسِيرُ .
وَالسَّلَاسِلُ : جَمْعُ سِلْسِلَةٍ بِكَسْرِ السِّينَيْنِ وَهِيَ مَجْمُوعُ حِلَقٍ غَلِيظَةٍ مِنْ حَدِيدٍ مُتَّصِلٍ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ .
وَمِنَ الْمَسَائِلِ مَا رَأَيْتُهُ أَنَّ الشَّيْخَ
nindex.php?page=showalam&ids=14120ابْنَ عَرَفَةَ كَانَ يَوْمًا فِي دَرْسِهِ فِي التَّفْسِيرِ سُئِلَ : هَلْ تَكُونُ هَذِهِ الْآيَةُ سَنَدًا لِمَا يَفْعَلُهُ أُمَرَاءُ الْمَغْرِبِ - أَصْلَحَهُمُ اللَّهُ - مَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=30351وَضْعِ الْجُنَاةِ بِالْأَغْلَالِ وَالسَّلَاسِلِ جَرْيًا عَلَى حُكْمِ الْقِيَاسِ عَلَى فِعْلِ اللَّهِ فِي الْعُقُوبَاتِ كَمَا اسْتَنْبَطُوا بَعْضَ صُوَرِ عِقَابٍ مِنْ عَمَلِ
قَوْمِ لُوطٍ مِنَ الرَّجْمِ بِالْحِجَارَةِ ، أَوِ الْإِلْقَاءِ مِنْ شَاهِقٍ . فَأَجَابَ بِالْمَنْعِ لِأَنَّ وَضْعَ الْغُلِّ فِي الْعُنُقِ ضَرْبٌ مِنَ التَّمْثِيلِ وَإِنَّمَا يُوثَقُ الْجَانِي مِنْ يَدِهِ ، قَالَ : لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا قَاسُوا عَلَى فِعْلِ اللَّهِ فِي الدُّنْيَا وَلَا يُقَاسُ عَلَى
[ ص: 203 ] تَصَرُّفِهِ فِي الْآخِرَةِ
nindex.php?page=hadith&LINKID=2002299لِنَهْيِ النَّبِيءِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنِ الْإِحْرَاقِ بِالنَّارِ ، وَقَوْلِهِ إِنَّمَا يُعَذِّبُ بِهَا رَبُّ الْعِزَّةِ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=71يُسْحَبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=72فِي الْحَمِيمِ حَالٌ مِنْ ضَمِيرِ أَعْنَاقِهِمْ أَوْ مِنْ ضَمِيرِ يَعْلَمُونَ .
وَالسَّحْبُ : الْجَرُّ ، وَهُوَ يَجْمَعُ بَيْنَ الْإِيلَامِ وَالْإِهَانَةِ . وَالْحَمِيمُ : أَشَدُّ الْحَرِّ .
وَ ( ثُمَّ ) عَاطِفَةٌ جُمْلَةَ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=72فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ عَلَى جُمْلَةِ يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ ، وَشَأْنُ ( ثُمَّ ) إِذَا عَطَفَتِ الْجُمَلَ أَنْ تَكُونَ لِلتَّرَاخِي الرُّتْبِيِّ ، وَذَلِكَ أَنَّ احْتِرَاقَهُمْ بِالنَّارِ أَشَدُّ فِي تَعْذِيبِهِمْ مِنْ سَحْبِهِمْ عَلَى النَّارِ ، فَهُوَ ارْتِقَاءٌ فِي
nindex.php?page=treesubj&link=30438وَصْفِ التَّعْذِيبِ الَّذِي أُجْمِلَ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=70فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ وَالسَّجْرُ بِالنَّارِ حَاصِلٌ عَقِبَ السَّحْبِ سَوَاءٌ كَانَ بِتَرَاخٍ أَمْ بِدُونِهِ .
وَالسَّجْرُ : مَلْءُ التَّنُّورِ بِالْوَقُودِ لِتَقْوِيَةِ النَّارِ فِيهِ ، فَإِسْنَادُ فِعْلِ يُسْجَرُونَ إِلَى ضَمِيرِهِمْ إِسْنَادٌ مَجَازِيٌّ لِأَنَّ الَّذِي يُسْجَرُ هُوَ مَكَانُهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ ، فَأُرِيدَ بِإِسْنَادِ الْمَسْجُورِ إِلَيْهِمُ الْمُبَالَغَةُ فِي تَعَلُّقِ السَّجْرِ بِهِمْ ، أَوْ هُوَ اسْتِعَارَةٌ تَبَعِيَّةٌ بِتَشْبِيهِهِمْ بِالتَّنُّورِ فِي اسْتِقْرَارِ النَّارِ بِبَاطِنِهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ .