الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في الرجل يبتاع إبريق الفضة بدنانير ودراهم ثم تستحق الدراهم قلت : أرأيت إن اشتريت من رجل إبريق فضة بدنانير أو دراهم فاستحقت الدراهم أو الدنانير أينتقض البيع بيننا في قول مالك وتجعله صرفا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : نعم أراه صرفا وينتقض البيع بينكما ، قال : وكان مالك يكره هذه الأشياء التي تصاغ من الفضة والذهب مثل الأباريق ، وكان مالك يكره مداهن الفضة والذهب ومجامر الذهب والفضة سمعت ذلك منه ، والأقداح واللجم والسكاكين المفضضة وإن كانت تبعا فلا أرى أن تشترى .

                                                                                                                                                                                      قلت : أرأيت إن صرفت منه دراهم بدنانير فاستحقت الدراهم بعينها أينتقض الصرف أم لا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : أرى الصرف منتقضا ، وكان أشهب يقول : إن كانت دراهم بأعيانها أراها إياه فهو منتقض وإن كان لم يره إياها ، وإنما باعه من دراهم عنده لزمه أن يعطي ما [ ص: 25 ] كان عنده تمام صرفه مما بقي في كيسه أو تابوته وذلك ما لم يفترقا قلت : فإن استحقت ساعة صارفه صاحبه فقال له صاحبه : خذ مكانها مثلها أيصلح هذا ؟

                                                                                                                                                                                      قال : إن كان ذلك مكانه ساعة صارفه فلا أرى بذلك بأسا وإن تطاول ذلك وافترقا انتقض الصرف قلت : أرأيت إن اشتريت خلخالين من رجل بدنانير أو بدراهم فاستحقهما رجل من يدي بعدما افترقنا أنا وبائعي فقال الذي استحق الخلخالين : أنا أجيز البيع وأتبع الذي أخذ الثمن قال : لا يصلح هذا لأن هذا صرف فلا يصلح أن يعطي الخلخالين ولا ينتقد ، قلت : فإن كانا لم يفترقا مشتري الخلخالين وبائعهما حتى استحقهما رجل فقال المستحق : أنا أجيز بيع الخلخالين وآخذ الدنانير ؟

                                                                                                                                                                                      قال : ذلك جائز إذا أجاز المستحق البيع والخلخالان حاضران وأخذ رب الدنانير الدنانير مكانه قلت : فإن كان الخلخالان قد بعث بهما مشتريهما إلى البيت ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لا يجوز ذلك قلت : ولا ينظر في هذا إلى افتراق البائع والمشتري بعدما اشترى الخلخالين إذا استحقهما رجل والخلخالان حاضران حين استحقهما وأجاز البيع ؟ فقال له مشتري الخلخالين أو بائعهما : أنا أدفع الثمن حين أجزت البيع وكان ذلك معا قال : نعم ذلك جائز ولا ينظر في هذا إلا إلى حضور الخلخالين والنقد مع إجازة هذا المستحق البيع ، فإذا كان هذا هكذا جاز وإلا فلا .

                                                                                                                                                                                      وقد قال أشهب مثل قوله وقال : إنما هو استحسان والقياس فيه أنه مفسوخ لأنه حين باعك الخلخالين قد كان لصاحبهما فيهما الخيار فقد انعقد البيع على خيار ، فالقياس فيه أنه يفسخ ولكني أستحسن أنه جائز لأن هذا مما لا يجد الناس منه بدا وإنكما لم تعملا على هذا باع البائع ما يرى أنه له جائز واشتريت أنت ما ترى أنه جائز لك شراؤه فذلك جائز لا بأس به

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية