الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
عقل الأصابع

أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي رحمه الله تعالى قال أخبرنا مالك عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه أن { في الكتاب الذي كتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم في كل أصبع مما هنالك عشر من الإبل } ، أخبرنا الربيع قال أخبرنا الشافعي ، قال أخبرنا ابن علية بإسناده عن رجل عن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { في الأصابع عشر عشر } ( قال الشافعي ) رحمه الله تعالى : وبهذا نقول ففي كل أصبع قطعت من رجل عشر من الإبل ، وسواء في ذلك الخنصر والإبهام والوسطى إنما العقل على الأسماء .

( قال الشافعي ) وأصابع اليدين والرجلين سواء وأصابع الصغير والكبير الفاني والشاب سواء ، والإبهام من أصابع القدم مفصلان فإذا قطع منهما مفصل ففيه خمس من الإبل ولما سواها من الأصابع ثلاثة مفاصل فإذا قطع منها مفصل ففيه ثلاث من الإبل وثلث وإن خلق لأحد مفاصل أصابعه ، سواء لكل أصبع مفصلان وكانت أصابعه سالمة يقبضها ويبسطها ويبطش بها ففي كل مفصل نصف دية الأصبع خمس من الإبل وإن كان ذلك يشلها ففي أصبعه إذا قطعت حكومة وإذا كان لأصبع هذا مفصلان وكانت سالمة فقطعها إنسان عمدا فعليه القصاص فإن قطع إحدى أنملتيها فله إن شاء القصاص من أنملة أصبع القاطع فإن كان في أصبع القاطع ثلاث أنامل أخذ مع القصاص سدس عقل الأصبع ولو خلق إنسان له في أصبع أربع أنامل كانت في كل أنملة ربع دية الأصبع بعيران ونصف إن كانت أصابعه سالمة وإذا خلقت له في أصبع أربع أنامل فقطع رجل منها أنملة عمدا وله في كل أصبع ثلاث أنامل فلا قصاص عليه ; لأن أنملته أزيد من أنملة المقتص له ولو كان القاطع هو الذي له أربع أنامل والمقطوع له ثلاث أنامل فله القصاص وأرش ما بين ربع أنملة وثلثها ولو كانت لرجل أصبع فيها أربع أنامل أو فيها أنملتان فكانت أطول من الأصابع معها أو أقصر منها وهي سالمة ففيها عقلها تاما وليست كالسن تسقط فيستخلف أقصر من [ ص: 81 ] الأسنان ; لأن الأصابع هكذا تخلق ولا تسقط فتستخلف والأسنان تسقط فتستخلف .

وإذا بقيت في الكف أصبع أو أصبعان أو ثلاث أو أربع فقطعت الكف والأصابع فعلى القاطع أرش الأصابع تاما وحكومة تامة في الكف لا يبلغ بها أرش أصبع ، وسواء كانت الكف من امرأة أو رجل لا يبلغ بحكومتها أرش أصبع إذا كانت مع أصابع ولا يسقط أن يكون فيها حكومة إلا بأن يؤخذ أرش اليد تاما فتدخل الكف مع الأصابع ; لأنها حينئذ يد تامة ، وإذا قطعت الأصابع وأخذ أرشها أو عفا أو اقتص منها ، ثم قطعت الكف ففيها حكومة على ما وصفت الحكومات ، وسواء قطع الكف والأصابع أو غيره ، ولو جنى رجل على الأصابع عمدا فقطعها ، ثم قطع الكف اقتص منه كما صنع فقطعت أصابعه ، ثم كفه ، وإن شاء المجني عليه فقطع أصابعه وأخذ منه أرش كفه وقال في الأصبع الزائدة حكومة .

ولو خلقت لرجل أصبع أنملتها التي فيها الظفر أنملتان مفترقتان في كلتيهما ظفر وليست واحدة منهما أشد استقامة على خلقة الأصابع من الأخرى ولا أحسن حركة من الأخرى فقطع إنسان إحداهما لم يكن عليه قصاص وكانت عليه حكومة تجاوز نصف أرش أنملة وإن قطع هو أو غيره الثانية كانت فيها حكومة الأولى وكذلك إن قطعهما معا فعليه دية أصبع وحكومة في الزيادة فلو خلقت له أصابع عشر في كف كان القول فيها كالقول فيه لو خلقت له كفان الأصابع المستقيمة على الأكثر من خلقة الآدميين أصابعه إذا كانت سالمة كلها ، وكذلك لو خلقت له أصبعان فكانت إحداهما باطشة والأخرى غير باطشة كانت الباطشة أولى باسم الأصبع .

ولو كان هذا في الرجلين كان هذا هكذا إذا كان يطأ عليها كلها فإن كان يطأ على بعضها ولا يطأ على بعض ، فإن الأصابع التي فيها عشر عشر هي التي يطأ عليها ، والتي لا يطأ عليها زوائد إذا قطع منها شيء كانت فيها حكومة ، ولو خلقت لرجل أصبع زائدة ولآخر مثلها في مثل موضعها فجنى أحدهما على الآخر عمدا فقطع أصبعه الزائدة قطعت بها أصبعه الزائدة إن شاء إذا كانت في مثل موضعها وإن لم تكن في مثل موضعها لم تقطع ، ولو اختلفت الزائدتان فكانت من القاطع أو المقطوع أتم كانت إحداهما بالأخرى إذا كانت مفاصلهما واحدة فإن كانت الزائدة من القاطع بثلاثة مفاصل والزائدة من المقطوع بمفصل واحد أو مثل الثؤلول وما أشبهه لم يقد وكانت له حكومة ، وإن كانت من المقطوع مثلها من القاطع أو من القاطع مثلها من المقطوع فللمقطوع الخيار بين القود أو حكومة وبين الأرش لنقص أصبع المقطوع عن أصبعه والحكومة أقل من حكومتها لو لم يستقد .

التالي السابق


الخدمات العلمية