الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                              صفحة جزء
                                                                              باب ما جاء فيمن يبتدئ الاعتكاف وقضاء الاعتكاف

                                                                              1771 حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا يعلى بن عبيد حدثنا يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف صلى الصبح ثم دخل المكان الذي يريد أن يعتكف فيه فأراد أن يعتكف العشر الأواخر من رمضان فأمر فضرب له خباء فأمرت عائشة بخباء فضرب لها وأمرت حفصة بخباء فضرب لها فلما رأت زينب خباءهما أمرت بخباء فضرب لها فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال آلبر تردن فلم يعتكف رمضان واعتكف عشرا من شوال

                                                                              التالي السابق


                                                                              قوله : ( صلى الصبح ثم دخل المكان إلخ ) ظاهره أن المعتكف يشرع في الاعتكاف بعد صلاة الصبح ومذهب الجمهور أنه يشرع من ليلة الحادي والعشرين وقد أخذ بظاهر الحديث قوم إلا أنهم حملوه على أنه يشرع من صبح الحادي والعشرين فرد عليه الجمهور بأن المعلوم أنه كان ـ صلى الله عليه وسلم ـ يعتكف العشر الأواخر ويحث الصحابة عليه وعدد العشر عدد الليالي فتدخل فيه الليلة الأولى وإلا لا يتم هذا العدد أصلا وأيضا من أعظم ما يطلب بالاعتكاف إدراك ليلة القدر وهي قد تكون ليلة الحادي والعشرين كما جاء في حديث أبي داود فينبغي له أن يكون معتكفا فيها لا أن يعتكف بعدها وأجاب النووي عن الجمهور بتأويل الحديث أنه دخل معتكفه وانقطع فيه وتخلى بنفسه بعد صلاة الصبح لا أن ذلك وقت ابتداء الاعتكاف بل كان قبل المغرب معتكفا لابثا في جملة المسجد فلما أصبح انفرد ا هـ ولا يخفى أن قوله كان إذا أراد أن يعتكف يفيد أنه كان يدخل المعتكف حين يريد الاعتكاف لا أنه يدخل في الشروع في الاعتكاف في الليل وأيضا المتبادر من لفظ الحديث أنه بيان لكيفية الشروع في الاعتكاف وعلى هذا التأويل لم يكن بيانا لكيفية الشروع ثم لازم هذا التأويل أن يقال السنة للمعتكف أن يلبث أول ليلة في المسجد ولا يدخل في المعتكف وإنما يدخل فيه من الصبح ولا يلزم ترك العمل بالحديث وعند تركه لا حاجة إلى التأويل والجمهور لا يقول بهذه السنة فيلزم عليهم ترك العمل بالحديث وأجاب القاضي [ ص: 539 ] أبو يعلى من الحنابلة بحمل الحديث على أنه كان يفعل ذلك في يوم العشرين ليستظهروا ببياض يوم زيادة قبل العشر قلت : وهذا الجواب هو الذي يفيده النظر في أحاديث الباب فهو أولى وبالاعتماد أحرى بقي أنه يلزم منه أن تكون السنة الشروع في الاعتكاف من صبح العشرين استظهارا باليوم الأول ولا بعد في التزامه وكلام الجمهور لا ينافيه فإنهم ما تعرضوا له لا إثباتا ولا نفيا وإنما تعرضوا لدخوله ليلة الحادي والعشرين وهو حاصل غاية الأمر أن قواعدهم تقتضي أن يكون هذا الأمر سنة عندهم فلنقل وعدم التعرض ليس دليلا على العدم ومثل هذا الإيراد يرد على جواب النووي مع ظهور مخالفة الحديث قوله : ( خباء ) بكسر ومد في الصحاح هو واحد الأخبية وهو من وبر أو صوف ولا يكون من شعر وهو على عمودين أو ثلاثة وما فوق ذلك فهو بيت قوله : ( آلبر تردن ) بمد الهمزة مثل آلله أذن لكم والاستفهام للإنكار والبر بالنصب مفعول تردن أي ما أردن البر وإنما أردن قضاء مقتضى الغيرة والله أعلم




                                                                              الخدمات العلمية