الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى ( 116 ) فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى ( 117 ) )

يقول تعالى ذكره معلما نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم ما كان من تضييع آدم عهده ، ومعرفه بذلك أن ولده لن يعدوا أن يكونوا في ذلك على منهاجه ، إلا من عصمه الله منهم ( و ) اذكر يا محمد ( وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى ) أن يسجد له ( فقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك ) ولذلك من شنآنه لم يسجد لك ، وخالف أمري في ذلك وعصاني ، فلا تطيعاه فيما يأمركما به ، فيخرجكما بمعصيتكما ربكما ، وطاعتكما له ( من الجنة فتشقى ) يقول : فيكون عيشك من كد يدك ، فذلك شقاؤه الذي حذره ربه .

كما حدثنا ابن حميد قال : ثنا يعقوب عن جعفر ، عن سعيد قال : أهبط إلى آدم ثور أحمر ، فكان يحرث عليه ، ويمسح العرق من جبينه ، فهو الذي قال الله تعالى ذكره ( فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى ) فكان ذلك شقاؤه ، وقال تعالى ذكره ( فتشقى ) ولم يقل : فتشقيا ، وقد قال : ( فلا يخرجنكما ) لأن [ ص: 386 ] ابتداء الخطاب من الله كان لآدم عليه السلام ، فكان في إعلامه العقوبة على معصيته إياه فيما نهاه عنه من أكل الشجرة الكفاية من ذكر المرأة ، إذ كان معلوما أن حكمها في ذلك حكمه . كما قال ( عن اليمين وعن الشمال قعيد ) اجتزئ بمعرفة السامعين معناه من ذكر فعل صاحبه .

التالي السابق


الخدمات العلمية