الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          فإذا قال : له علي هؤلاء العبيد العشرة إلا واحدا . فإن ماتوا إلا واحدا ، فقال : هو المستثنى . فهل يقبل على ؛ وجهين . وإن قال : له هذه الدار إلا هذا البيت ، أو هذه الدار له وهذا البيت لي . قبل منه . وإذا قال : له علي درهمان وثلاثة إلا درهمين ، أو له علي درهم ودرهم إلا درهما . فهل يصح الاستثناء ؛ على وجهين . وإن قال : له علي خمسة إلا درهمين ودرهما . لزمته الخمسة في أحد الوجهين ، وفي الآخر : يلزمه ثلاثة .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( فإذا قال : له علي هؤلاء العبيد العشرة إلا واحدا ) لزمه تسليم تسعة ; لأنه استثناء الأقل ، ويرجع في تعيين المستثنى إليه ; لأنه أعلم بمراده . وكذا قوله : غصبت هؤلاء العشرة إلا واحدا . ( فإن ماتوا إلا واحدا ، فقال : هو المستثنى . فهل يقبل ) قوله ؛ ( على وجهين ) أحدهما : يقبل . صححه في " الشرح " و " الفروع " ، وقدمه في " المحرر " و " الرعاية " ، وجزم به في " الوجيز " ; لأنه يحتمل ما قاله . وكما لو تلف بعد تعيينه . والثاني : لا ; لأنه يرفع جميع ما أقر به ، وإن قتلوا إلا واحدا قبل تفسيره به ، وجها واحدا ; لأنه لا يرفع جملة الإقرار لوجوب قيمة الباقين للمقر له . وإن قتلوا كلهم فله قيمة أحدهم ويرجع في تفسيره إليه . ( وإن قال : له هذه الدار إلا هذا [ ص: 332 ] البيت ، أو هذه الدار له وهذا البيت لي . قبل منه ) لأن الأول استثناء البيت من الدار ، ولا يدخل البيت في إقراره ، مع أنه في معنى الاستثناء ; لكونه أخرج بعض ما تناوله اللفظ بكلام متصل .

                                                                                                                          وظاهره : ولو كان البيت أكثر من النصف . صرح به في " الشرح " و " الفروع " وزاد في " المحرر " و " الوجيز " : بخلاف إلا ثلثيها . وفيه وجه .

                                                                                                                          وإن قال : له هذه الدار إلا ثلثها ، أو ربعها . صح ، وكان مقرا بالباقي . وإن قال : له هذه الدار نصفها . صح ، وكان مقرا بالنصف ; لأن هذا بدل البعض ، وهو شائع .

                                                                                                                          لقوله تعالى : قم الليل إلا قليلا نصفه [ المزمل : 2 ] ، ويصح ذلك فيما دون النصف .

                                                                                                                          كقوله : هذه الدار ربعها أو أقل . كقولهم رأيت زيدا وجهه . وإن قال : له هذه الدار ولي نصفها . صح في الأقيس . ( وإن قال : له علي درهمان وثلاثة إلا درهمين ، أو له علي درهم ودرهم إلا درهما . فهل يصح الاستثناء ؛ على وجهين ) .

                                                                                                                          أحدهما : يصح . جزم به في " الوجيز " ; لأن العطف جعل الجملتين كجملة واحدة ، فعاد الاستثناء إليهما .

                                                                                                                          كقوله عليه السلام : لا يؤم الرجل الرجل في بيته ، ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه ، فيصير الاستثناء في الأولى درهمين من خمسة . [ ص: 333 ] وفي الثانية : درهما من درهمين ، وذلك استثناء صحيح ; لأنه أقل من الأكثر فيهما ، وفيه شيء ، فإنه في الثانية النصف ، وفيه الخلاف إلا أن يزاد فيه درهم آخر .

                                                                                                                          والثاني : لا يصح . صححه في " الفروع " ; لأنه يرفع إحدى الجملتين ؛ لأن عوده إلى ما يليه متيقن ، وما زاد مشكوك فيه .

                                                                                                                          فعلى هذا : يكون قد استثنى الأكثر أو الكل ، وكلاهما باطل .

                                                                                                                          وذكر المؤلف أنه الأولى . والاستثناء في الخبر لم يرفع إحدى الجملتين ، وإنما أخرج من الجملتين معا من النصف نصفه .

                                                                                                                          وقدم في " الرعاية " : أنه يعود إلى الكل ، فإن كان ثم قرينة عمل بها . ( وإن قال : له علي خمسة إلا درهمين ودرهما . لزمته الخمسة في أحد الوجهين ) قدمه في " المحرر " ، وجزم به في " الوجيز " ; لأنهما صارا كجملة واحدة فبطل الاستثناء ، كالزيادة على النصف . ( وفي الآخر : يلزمه ثلاثة ) لأنهما لا يصيران جملة ، فبطل الاستثناء الثاني ; لئلا يكون مستثنيا للأكثر .



                                                                                                                          الخدمات العلمية