الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          ويصح الاستثناء من الاستثناء فإذا قال : له علي سبعة إلا ثلاثة ، إلا درهما . لزمه خمسة . وإن قال : له علي عشرة إلا خمسة إلا ثلاثة إلا درهمين إلا درهما . لزمته عشرة في أحد الوجوه . وفي الآخر : لزمه ستة . وفي الآخر : سبعة وفي الآخر : ثمانية .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( ويصح الاستثناء من الاستثناء ) لقوله تعالى : إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين إلا آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين إلا امرأته قدرنا إنها لمن الغابرين [ الحجر : 58 ] ولأن الاستثناء إبطال ، والاستثناء منه رجوع إلى موجب الإقرار . ( فإذا قال : له علي سبعة إلا ثلاثة ، إلا درهما . لزمه خمسة ) لأنه خرج منها بالاستثناء الأول : ثلاثة . وعاد بالاستثناء الثاني : درهما ، فإذا ضممته إلى [ ص: 334 ] الأربعة صار خمسة ؛ ولأنه من الإثبات نفي ومن النفي إثبات ، وهو جائز في اللغة . ( وإن قال : له علي عشرة إلا خمسة إلا ثلاثة إلا درهمين إلا درهما . لزمته عشرة في الوجوه ) لأن استثناء النصف لا يصلح ، ويبطل الاستثناء من الاستثناء ببطلان الاستثناء ، فيلزمه عشرة لكونه سالما عن المعارض . ( وفي الآخر : يلزمه ستة ) لأن استثناء النصف صحيح .

                                                                                                                          ولا يبطل الاستثناء من الاستثناء ; لأنه إذا استثنى الخمسة من العشرة بقي خمسة ، واستثناء الثلاثة منها غير صحيح ; لأنها أكثر . ويبقى قوله : ( إلا درهمين ) استثناء صحيح لأنه أقل . فإذا ضممت الدرهم إلى خمسة صار المجموع ستة . ( وفي الآخر : يلزمه سبعة ) ؛ لأن استثناء الخمسة غير صحيح ; لأنها نصف ، واستثناء الدرهمين من الثلاثة لا يصح ; لأنها أكثر . واستثناء الدرهم من الدرهمين أيضا لا يصح ; لأنه نصف . فيبقى قوله : ( إلا ثلاثة ) صحيحا ، فيصير قوله : ( له علي عشرة إلا ثلاثة ) وذلك سبعة . ( وفي الآخر : ثمانية ) لأن استثناء النصف لا يصح .

                                                                                                                          وقوله : ( إلا ثلاثة ) يعمل عمله ، وقوله : ( إلا درهمين ) وهو غير صحيح ; لأنه أكثر ، فيعاد منه درهم للسبعة فيصير الباقي ثمانية . وإن كان الاستثناء الثاني بحرف العطف كان مضافا ، أي : الاستثناء الأول .

                                                                                                                          فإذا قال : له علي عشرة إلا ثلاثة إلا درهمين . كان مستثنيا لخمسة مقرا بمثلها . أصل : إذا استثنى ما لا يصح ، ثم استثنى منه شيئا بطلا ; لأن الأول باطل [ ص: 335 ] فكذا فرعه . وقيل : يرجع ما بعد الباطل إلى ما قبله ; لأن الباطل في حكم العدم . وقيل : يعتبر ما تؤول إليه جملة الاستثنائات .



                                                                                                                          الخدمات العلمية