الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 1192 ] ( 5 ) المشي بالجنازة ، والصلاة عليها

الفصل الأول

1646 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أسرعوا بالجنازة ، فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه ، وإن تك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم " متفق عليه " .

التالي السابق


( 5 ) باب المشي أي : آدابه بالجنازة

أي : بالسرير ، أو بالميت ، في المغرب : الجنازة بالكسر السرير ، وبالفتح الميت ، وقيل : هما لغتان ، وقيل : بالكسر الميت ، والسرير الذي يحمل عليه الميت ، وبالفتح هو السرير لا غير . ( والصلاة ) : عطف على المشي . ( عليها ) أي : على الجنازة ، أي : الميت .

الفصل الأول

1646 - ( عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أسرعوا بالجنازة ) " : وضابط الإسراع أخذا من خبر ضعيف : أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن شدة المسير بها فقال : ما دون الخبب بأن يكون مشين بها فوق المشي المعتاد ودون الخبب ، وهو شدة المشي مع تقارب الخطا . قال الشافعي في الأم : ويمشي بها على أسرع سجية مشي لا الإسراع الذي يشق على من يشيعها ، إلا أن يخاف تغيرها أو انفجارها فيجعل بها ما قدروه . ( فإن تك صالحة ) أي : فإن تكن الجنازة صالحة أو مؤمنة . قال المظهر : الجنازة بالكسر الميت وبالفتح السرير ، فعلى هذا أسند الفعل إلى الجنازة وأريد الميت . ( فخير ) أي : فحالها خير ، أو فعلها خير . ( تقدمونها ) : بالتشديد . ( إليه ) أي : فإن كان حال ذلك الميت حسنا طيبا ، فأسرعوا به حتى يصل إلى تلك الحالة الطيبة عن قريب . ( وإن تك سوى ذلك فشر تضعونه عن رقابكم ) .

وقال الطيبي : جعلت الجنازة عين الميت ، ووصفت بأعماله الصالحة ، ثم عبر عن الأعمال الصالحة بالخير ، وجعلت الجنازة التي هي مكان الميت مقدمة على ذلك الخير ، فكنى بالجنازة عن العمل الصالح مبالغة في كمال هذا المعنى ، ولما لاحظ في جانب العمل الصالح هذا قابل قرينته بوضع الشر عن الرقاب ، وكان أثر عمل الرجل الصالح راحة له ، فأمر بإسراعه إلى ما يستريح إليه ، وأثر عمل الرجل الغير الصالح مشقة عليهم ، فأمر بوضع جيفته عن رقابهم ، فالضمير في " إليه " راجع إلى الخير باعتبار الثواب والإكرام ، فمعناه قريب مما مر من قوله : " مستريح أو مستراح منه " . وقال المالكي في التوضيح : " إليها " بالتأنيث ، وقال : أنث الضمير العائد إلى الخير وهو مذكر ، فكاد يسعى أن يقول : فخير قدمتموها إليه ، لكن المذكر مجوز تأنيثه إذا أول بمؤنث كتأويل الخير الذي يقدم النفس الصالحة لا لرحمة أو بالحسنى أو باليسرى . وقال الكرماني : فخير تقدمونها إليه خبر لمبتدأ محذوف أي : فهي خير تقدمونها إليه ، أو هو مبتدأ ، أي : فثمة خير تقدمون الجنازة إليه ، يعني حاله في القبر حسن طيب ، فأسرعوا بها حتى يصل إلى تلك الحالة قريبا ، وقوله : فشر تضعونه . أي : إنها بعيدة عن الرحمة ، فلا مصلحة لكم في مصاحبتها ، ويؤخذ منه سنة ترك مصاحبة أهل البطالة وغير الصالحين . ( متفق عليه ) قال ميرك : ورواه الأربعة .




الخدمات العلمية