الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      ولما تسبب عن نظره هذا الذي أوصله إلى الكفر بربه أخذه بالعذاب ، أشار إلى ذلك سبحانه بقوله : فخسفنا أي : بما لنا من العظمة به وبداره أي : وهي على مقدار ما ذكرنا من عظمته بأمواله وزينته ، فهي أمر عظيم ، تجمع خلقا كثيرا وأثاثا عظيما ، لئلا يقول قائل : إن الخسف به كان للرغبة في أخذ أمواله الأرض وهو من قوم موسى عليه الصلاة والسلام وقريب منه جدا -على ما نقله [ ص: 359 ] أهل الأخبار- فإياكم يا أمة هذا النبي أن تردوا ما آتاكم من الرحمة برسالته فتهلكوا وإن كنتم أقرب الناس إليه فإن الأنبياء كما أنهم لا يوجدون الهدى في قلوب العدى ، فكذلك لا يمنعونهم من الردى ولا يشفعون لهم أبدا ، إذا تحققوا أنهم من أهل الشقا فما أي : فتسبب عن ذلك أنه ما كان له أي : لقارون ، وأكد النفي - لما استقر في الأذهان أن الأكابر منصورون - بزيادة الجار في قوله : من فئة أي : طائفة من الناس يكرون عليه بعد أن هالهم ما دهمه ، وأصل الفئة الجماعة من الطير كأنها سميت بذلك لكثرة رجوعها وسرعته إلى المكان الذي ذهبت منه ينصرونه

                                                                                                                                                                                                                                      ولما كان الله تعالى أعلى من كل شيء قال : من دون الله أي : الحائز لصفات الكمال ، المتردي بالعظمة والجلال ، لأن من كان على مثل رأيه هلك ، ومن كان من أولياء الله راقب الله في أمره ، فلم يسألوا الله فيه ، وعلم هو أن الحق لله ، وضل عنه - كما في الآية التي قبلها - ما كان يفتري وما كان أي : هو من المنتصرين لأنفسهم بقوتهم.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية