الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
مسألة :

" وكل جلد ميتة دبغ أو لم يدبغ فهو نجس " .

هذا أشهر الروايتين وفي الأخرى الدباغ مطهر في الجملة لما روى ابن عباس قال : تصدق على مولاة لميمونة بشاة فماتت فمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " هلا أخذتم إهابها فدبغتموه فانتفعتم به ؟ فقالوا : إنها ميتة ، فقال : إنما حرم أكلها " .

[ ص: 123 ] رواه الجماعة إلا البخاري والنسائي لم يذكرا فيه الدباغ .

وعنه أيضا قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " أيما إهاب دبغ فقد طهر " رواه مسلم ، ووجه الأولى ما روى عبد الله بن عكيم قال : كتب إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بشهر لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب " رواه الخمسة وقال الترمذي حديث حسن صحيح .

[ ص: 124 ] وقد استقر الحكم بعد ذلك عليه ، وقال أحمد : ما أصلح إسناده ، وفي لفظ الدارقطني " كنت رخصت لكم في جلود الميتة فإذا جاءكم كتابي هذا لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب " وهذا ناسخ لغيره لأنه متأخر ومشعر بنهي بعد رخصة لا سيما وفي حديث ابن عباس إنما حرم أكلها ، وقد استقر الحكم بعد ذلك على تحريم الادهان بودكها ويدل على تقدمه ما روت سودة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : " ماتت شاة فدبغنا مسكها ثم ما زلنا ننتبذ فيه حتى صار شنا " ، رواه البخاري وهذا إنما يكون في أكثر من شهر ، وعن سلمة بن المحبق أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فأتى على بيت فراء فيه قربة معلقة فسأل الشراب فقيل [ ص: 125 ] إنها ميتة فقال : " ذكاتها دباغها " وهذا قبل وفاته بأكثر من سنة ، فلو كان رخصة أخرى بعد النهي لزم النسخ مرتين ، وقيل : الإهاب اسم للجلد قبل الدباغ ؛ لأن هذا لم يعلم من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه رخصة ولا عادة الناس الانتفاع به .

التالي السابق


الخدمات العلمية