الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين ( 11 ) فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون ( 12 ) )

يقول تعالى ذكره : وكثيرا قصمنا من قرية ، والقصم : أصله الكسر ، يقال منه : قصمت ظهر فلان إذا كسرته ، وانقصمت سنه : إذا انكسرت ، وهو هاهنا معني به أهلكنا ، وكذلك تأوله أهل التأويل .

ذكر من قال ذلك :

حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، [ ص: 417 ] عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قوله ( وكم قصمنا ) قال : أهلكنا .

حدثنا القاسم قال : ثنا الحسين قال : ثني حجاج عن ابن جريج عن مجاهد قوله ( وكم قصمنا من قرية ) قال : أهلكناها ، قال ابن جريج : قصمنا من قرية ، قال : باليمن قصمنا ، بالسيف أهلكوا .

حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قول الله ( قصمنا من قرية ) قال : قصمها أهلكها .

وقوله ( من قرية كانت ظالمة ) أجرى الكلام على القرية ، والمراد بها أهلها لمعرفة السامعين بمعناه ، وكأن ظلمها كفرها بالله وتكذيبها رسله ، وقوله ( وأنشأنا بعدها قوما آخرين ) يقول تعالى ذكره : وأحدثنا بعد ما أهلكنا هؤلاء الظلمة من أهل هذه القرية التي قصمناها بظلمها قوما آخرين سواهم .

وقوله ( فلما أحسوا بأسنا ) يقول : فلما عاينوا عذابنا قد حل بهم ورأوه قد وجدوا مسه ، يقال منه : قد أحسست من فلان ضعفا ، وأحسته منه ( إذا هم منها يركضون ) يقول : إذا هم مما أحسوا بأسنا النازل بهم يهربون سراعا عجلى ، يعدون منهزمين ، يقال منه : ركض فلان فرسه : إذا كده سياقته .

التالي السابق


الخدمات العلمية