الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 3941 ) الفصل الرابع : إن على الغاصب ضمان نقص الأرض ، إن كان نقصها الغرس ، أو نقصت بغيره . وهكذا كل عين مغصوبة ، على الغاصب ضمان نقصها إذا كان نقصا مستقرا ، كثوب تخرق ، وإناء تكسر ، وطعام سوس ، وبناء خرب ، ونحوه ، فإنه يردها وأرش النقص ; لأنه نقص حصل في يد الغاصب ، فوجب ضمانه ، كالقفيز من الطعام ، والذراع من الثوب . وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة : إذا شق رجل لرجل ثوبا شقا قليلا ، أخذ أرشه . وإن كان كثيرا ، فصاحبه بالخيار بين تسليمه وأخذ قيمته ، وبين إمساكه وأخذ أرشه .

                                                                                                                                            وقد روي عن أحمد كلام يحتمل هذا ; فإنه قال ، في رواية موسى بن سعيد ، في الثوب : إن شاء شق الثوب ، وإن شاء مثله . يعني والله أعلم إن شاء أخذ أرش الشق . ووجهه أن هذه جناية أتلفت معظم منفعته ، فكانت له المطالبة بقيمته ، كما لو قتل شاة له . وحكى أصحاب مالك عنه ، أنه إذا جنى على عين ، فأتلف غرض صاحبها فيها ، كان المجني عليه بالخيار ، إن شاء رجع بما نقصت ، وإن شاء سلمها وأخذ قيمتها .

                                                                                                                                            ولعل ما يحكى عنه من قطع ذنب حمار القاضي ، ينبني على ذلك ; لأنه أتلف غرضه به ، فإنه لا يركبه في العادة . وحجتهم أنه أتلف المنفعة المقصودة من السلعة ، فلزمته قيمتها ، كما لو أتلف جميعها . ولنا ، أنها جناية على مال أرشها دون قيمته ، فلم يملك المطالبة بجميع قيمته ، كما لو كان الشق يسيرا ، ولأنها جناية تنقص بها القيمة ، فأشبه ما لو لم يتلف غرض صاحبها ، وفي الشاة تلف جميعها ; لأن الاعتبار في الإتلاف بالمجني عليه ، لا بغرض صاحبه ; لأن هذا إن لم يصلح لهذا صلح لغيره .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية