الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فإن يصبروا فالنار مثوى لهم وإن يستعتبوا فما هم من المعتبين .

تفريع على جواب إذا على كلا الوجهين المتقدمين ، أو تفريع على جملة وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا ، أو هو جواب إذا ، وما بينهما اعتراض على حسب ما يناسب الوجوه المتقدمة .

والمعنى على جميع الوجوه : أن حاصل أمرهم أنهم قد زج بهم في النار فإن صبروا واستسلموا فهم باقون في النار ، وإن اعتذروا لم ينفعهم العذر ولم يقبل منهم تنصل .

وقوله فالنار مثوى لهم دليل جواب الشرط لأن كون النار مثوى لهم ليس مسببا على حصول صبرهم وإنما هو من باب قولهم : إن قبل ذلك فذاك ، أي فهو على ذلك الحال ، فالتقدير : فإن يصبروا فلا يسعهم إلا الصبر لأن النار مثوى لهم .

ومعنى وإن يستعتبوا إن يسألوا العتبى بضم العين وفتح الموحدة مقصورا اسم مصدر الإعتاب وهي رجوع المعتوب عليه إلى ما يرضي العاتب .

[ ص: 274 ] وفي المثل ( ( ما مسيء من أعتب ) ) أي من رجع عما أساء به فكأنه لم يسئ . وقلما استعملوا المصدر الأصلي بمعنى الرجوع استغناء عنه باسم المصدر وهو العتبى . والعاتب هو اللائم ، والسين والتاء فيه للطلب لأن المرء لا يسأل أحدا أن يعاتبه وإنما يسأله ترك المعاتبة ، أي يسأله الصفح عنه ، فإذا قبل منه ذلك قيل : أعتبه أيضا ، وهذا من غريب تصاريف هذه المادة في اللغة ، ولهذا كادوا أن يميتوا مصدر : أعتب بمعنى رجع وأبقوه في معنى قبل العتبى ، وهو المراد في قوله تعالى فما هم من المعتبين أي أن الله لا يعتبهم ، أي لا يقبل منهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية