الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                                                                                                                              سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد

                                                                                                                                                                                                                              الصالحي - محمد بن يوسف الصالحي الشامي

                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 237 ] جماع أبواب ذكر العشرة الذين شهد لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالجنة وبعض فضلهم

                                                                                                                                                                                                                                وقد ألف العلماء في هذا الباب كتبا كثيرة ، وأجمعها كتاب الرياض النضرة للإمام العلامة المحدث الفقيه شيخ الشافعية بالبلد الحرام .

                                                                                                                                                                                                                                الباب الأول في بعض فضائلهم على سبيل الاشتراك

                                                                                                                                                                                                                                وفيه أنواع :

                                                                                                                                                                                                                                  الأول : في ذكر أنسابهم .

                                                                                                                                                                                                                                تقدم في النسب النبوي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن مضر بن مالك بن النضر بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان . إذا علمت ذلك فأبو بكر اسمه عبد الله ، قال الإمام النووي في تهذيب الأسماء واللغات : وهو الصحيح المشهور وقيل عتيق ، والصواب الذي عليه كافة العلماء أن عتيقا لقب لقب به لعتقه من النار .

                                                                                                                                                                                                                                وقيل : لعتاقة وجهه أي حسنه . وقيل : لأنه لم يكن في نسبه شيء يعاب واجتمعت الأمة على تسميته بالصديق ، لأنه بادر إلى تصديق رسول الله عليه الصلاة والسلام ، ولازم الصدق فلم تقع منه هناة ما ولا وقفة في حال من الأحوال . قال الشيخ في تاريخ الخلفاء : ذكر ابن مسدي أنه كان يلقب به في الجاهلية لما عرف عن الحسن البصري وقتادة : أول ما اشتهر به صبيحة الإسراء وروى الحاكم عن النزال بن سبرة منه من الصدق ، قال ابن إسحاق قال : قلنا لعلي : يا أمير المؤمنين ، أخبرنا عن أبي بكر ، قال : ذاك امرؤ سماه الله تعالى الصديق على لسان جبريل ، وعلى لسان محمد ، كان خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الصلاة رضيه لديننا فنرضاه لدنيانا .

                                                                                                                                                                                                                                وقيل : سمي بعتيق أولا ثم بعبد الله .

                                                                                                                                                                                                                                وروى الطبراني عن القاسم بن محمد أنه سأل عائشة - رضي الله تعالى عنها - عن اسم أبي بكر فقالت : عبد الله فقال : إن الناس يقولون : عتيق ، قالت : إن أبا قحافة ، كان له ثلاثة أولاد سمى عتيقا ومعتقا ومعيتقا .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 238 ] وروى ابن منده وابن عساكر عن موسى بن طلحة ، قال : قلت لأبي طلحة : لم سمي أبو بكر عتيقا قال : كانت أمه لا يعيش لها ولد ، فلما ولدته استقبلت به البيت ، ثم قالت : اللهم ، إن هذا عتيق من الموت . فهبه لي .

                                                                                                                                                                                                                                وروى ابن عساكر عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - قالت : اسم أبي بكر الذي سماه أهله عبد الله ، ولكن غلب عليه اسم عتيق ، وفي لفظ : ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - سماه عتيقا .

                                                                                                                                                                                                                                واختلف في أي وقت لقب فيه عتيقا .

                                                                                                                                                                                                                                فروى أبو يعلى في مسنده وابن سعد والحاكم وصححه عن عائشة - رضي الله تعالى عنها - قالت : والله إني لفي بيتي ذات يوم ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الفناء والستر بيني وبينهم ، إذ أقبل أبو بكر ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : «من سره أن ينظر إلى عتيق من النار فلينظر إلى أبي بكر » ، وإن اسمه الذي سماه أهله عبد الله ، فغلب عليه اسم عتيق .

                                                                                                                                                                                                                                وروى الترمذي والحاكم عنها أن أبا بكر دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : أنت عتيق الله من النار ، فيومئذ سمي عتيقا .

                                                                                                                                                                                                                                وروى البزار ، والطبراني بسند جيد عن عبد الله بن الزبير قال : كان اسم أبي بكر عبد الله ، فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أنت عتيق الله من النار .

                                                                                                                                                                                                                                [هو عبد الله ] بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تميم بن كعب بن لؤي يلتقي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في كعب بن لؤي بن غالب القرشي التميمي يلتقي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مرة .

                                                                                                                                                                                                                                وعمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي يلتقي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كعب بن لؤي ، وأمه [ . . . . ]

                                                                                                                                                                                                                                وعثمان بن عفان بن أبي العاصي بن أمية بن عبد شمس يلتقي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عبد شمس بن عبد مناف بن عبد مناف وأمه (أروى ) بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس ، أسلمت وهاجرت وبايعت النبي - صلى الله عليه وسلم - توفيت في خلافة ولدها عثمان .

                                                                                                                                                                                                                                وعلي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم ، يلتقي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في عبد المطلب بن هاشم وأمه فاطمة بنت أسد [بن هاشم بن ] عبد [مناف الهاشمية ] .

                                                                                                                                                                                                                                [طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب القرشي التيمي يلتقي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في [مرة بن كعب بن لؤي ] وأمه الصعبة بنت أخت العلاء وأسلمت [وتوفيت في عهده - صلى الله عليه وسلم - ] .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 239 ] والزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي الأسدي يلتقي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قصي ، وأمه صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسلمت وهاجرت إلى المدينة .

                                                                                                                                                                                                                                [سعد بن أبي وقاص واسم أبي وقاص مالك بن وهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة ] وكنيته .

                                                                                                                                                                                                                                أبو إسحاق بن مالك وكنيته أبو وقاص بن وهب ، ويقال : أهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب يلتقي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في عبد مناف ، أسلم قديما وأمه ، [حمزة بنت سفيان بن أمية بنت عم أبي سفيان بن حرب بن أمية ] .

                                                                                                                                                                                                                                وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي ابن عم عمر بن الخطاب وزوج أخته - رضي الله تعالى عنهما - ، يلتقي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كعب بن لؤي أسلم قديما ، وكان سببا لإسلام عمر وأمه [فاطمة بنت بعجة بن مليح الخزاعية ] .

                                                                                                                                                                                                                                عبد الرحمن بن عوف بن عبد بن عوف بن عبد الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة يلتقي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في كلاب بن مرة ، وأمه [الشناء بنت عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة بن كلاب ] أسلمت ، وهاجرت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                                                                                                                                                                وأبو عبيدة اسمه عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر يلتقي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في فهر بن مالك أمين هذه الأمة ، وأمه [أميمة بنت غنم بن جابر بن عبد العزى بن عامرة بن عميرة ] .

                                                                                                                                                                                                                                الثاني في بعض فضائلهم : روى ابن أبي شيبة وابن أبي عاصم ، وأبو نعيم في الحلية والضياء ، والإمام أحمد عن سعيد بن زيد ، والإمام أحمد وابن عساكر ، والترمذي ، وأبو نعيم في المعرفة عن عبد الرحمن بن حميد عن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن جده - رضي الله تعالى عنهم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعمر في الجنة ، وعثمان في الجنة ، وعلي في الجنة .

                                                                                                                                                                                                                                قال : أبو بكر في الجنة ، والزبير في الجنة ، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة ، وطلحة في الجنة ، وسعد بن أبي وقاص في الجنة ، وسعيد بن زيد في الجنة ، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة
                                                                                                                                                                                                                              .

                                                                                                                                                                                                                                وروى الإمام أحمد وابن منيع وأبو داود وابن ماجه والضياء والترمذي وقال : حسن صحيح - والهيثم بن كليب الشامي ، ولفظه عن سعيد بن زيد - رضي الله تعالى عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : عشرة في الجنة النبي في الجنة ، ورواية الترمذي : قال : «أنا في الجنة ، [ ص: 240 ] وأبو بكر في الجنة ، وعمر في الجنة وعثمان في الجنة ، وعلي في الجنة ، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة ، وطلحة في الجنة ، والزبير في الجنة ، وسعد بن أبي وقاص في الجنة ، وسعيد بن زيد في الجنة » .

                                                                                                                                                                                                                                وروى الطبراني في الكبير وابن عساكر عن ابن عمر والترمذي وابن سعد والدارقطني في الإفراد والحاكم وأبو نعيم في الحلية والمعرفة وابن عساكر عن سعيد بن زيد - رضي الله تعالى عنهم - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : «عشرة من قريش في الجنة : أبو بكر في الجنة ، وعمر في الجنة ، وعثمان في الجنة ، وعلي في الجنة ، وطلحة في الجنة ، والزبير في الجنة ، وسعد في الجنة ، وسعيد في الجنة ، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة ، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة » .

                                                                                                                                                                                                                                وروى الإمام أحمد وأبو نعيم وابن عساكر عن رياح بن الحارث قال : كنا في مسجدنا الأكبر بالكوفة والمغيرة جالس على السرير فقال سعيد بن زيد : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : أبو بكر في الجنة ، وعمر في الجنة ، وعثمان في الجنة ، وعلي في الجنة ، وطلحة في الجنة ، والزبير في الجنة ، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة ، وسعد في الجنة ، وتابع المؤمنين ، ولو شئت أن (أسميهم لسميتهم ) . فقال إنسان : ناشدتك الله ، من تابع المؤمنين ؟ فقال : فأما إذا ناشدتني ، فأنا تابع المؤمنين ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

                                                                                                                                                                                                                                وروى ابن عساكر عنه ، قال : أشهد أني سمعت أبا بكر الصديق - رضي الله تعالى عنه - يقول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ليتني رأيت رجلا من أهل الجنة ، قال : أنا من أهل الجنة قال : ليس عنك أسأل ، قد عرفت أنك من أهل الجنة . قال : «فأنا من أهل الجنة ، وأنت من أهل الجنة ، وعمر من أهل الجنة ، وعثمان من أهل الجنة ، وعلي - رضي الله تعالى عنه - من أهل الجنة ، وطلحة من أهل الجنة ، والزبير من أهل الجنة ، وعبد الرحمن من أهل الجنة ، وسعد من أهل الجنة ، ولو شئت أن أسمي العاشر لسميته ، قال : عرضت عليك لتسمينه قال : أنا » .

                                                                                                                                                                                                                                وروى ابن عساكر قال : كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على حراء ، فذكر عشرة في الجنة : أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وطلحة ، والزبير ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن مالك ، وسعيد بن زيد ، وعبد الله بن مسعود .

                                                                                                                                                                                                                                وروى ابن أبي شيبة وابن أبي عاصم وأبو نعيم في الحلية والضياء عنه ، والإمام أحمد والترمذي ، وأبو نعيم في المعرفة وعبد بن حميد عن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : أبو بكر في الجنة ، وعمر في الجنة ، وعثمان في الجنة ، وعلي في الجنة ، وطلحة في الجنة ، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة ، وسعد بن أبي وقاص في الجنة ، وسعيد بن زيد ، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة . انتهى .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 241 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية