الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              1910 [ ص: 569 ] 32

                                                                                                                                                                                                                              كتاب فضل ليلة القدر

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 570 ] [ ص: 571 ] بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                                                              32 - كتاب فضل ليلة القدر]

                                                                                                                                                                                                                              1 - باب: فضل ليلة القدر

                                                                                                                                                                                                                              وقول الله تعالى: إنا أنزلناه في ليلة القدر إلى آخر السورة.

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن عيينة : ما كان في القرآن: "وما أدراك " فقد أعلمه، وما قال: " وما يدريك، " فإنه لم يعلمه.

                                                                                                                                                                                                                              2014 - حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا سفيان قال: حفظناه -وإنما حفظ من الزهري - عن أبي سلمة، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه". تابعه سليمان بن كثير عن الزهري . [انظر: 35 - مسلم: 759، 760 - فتح: 4 \ 255]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              حدثنا علي بن عبد الله، ثنا سفيان قال: حفظناه -وإنما حفظ من الزهري - عن أبي سلمة، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من صام

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 572 ] رمضان" .. الحديث " ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ". تابعه سليمان بن كثير عن الزهري .

                                                                                                                                                                                                                              الشرح: سورة القدر مكية عند الأكثرين أو مدنية، وقيل: إنها أول ما نزلت بالمدينة .

                                                                                                                                                                                                                              أنزلناه : جبريل، أو القرآن، نزل في ليلة القدر في رمضان في ليلة مباركة، فيها يفرق كل أمر حكيم، من اللوح المحفوظ إلى السفرة الكاتبين في سماء الدنيا، فنجمته السفرة على جبريل عشرين ليلة ونجمه جبريل على سيدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرين سنة، فكان ينزل إرسالا على مواقع النجوم في الشهور والأيام، أو ابتدأ الله بإنزاله في ليلة القدر، قاله الشعبي .

                                                                                                                                                                                                                              وهي منحصرة عند الجمهور في رمضان وأرجاؤها العشرين وأوتاره، وأرجاؤها في أوتاره ليلة حادية وثالثة وسابعة، وفي انتقالها قولان: المختار نعم.

                                                                                                                                                                                                                              القدر لأن الله تعالى قدر فيها أو يقدر فيها أمور السنة، أو لعظم قدرها، أو لعظم قدر الطاعات فيها وجزيل ثوابها.

                                                                                                                                                                                                                              وما أدراك تفخيما لشأنها وحثا على العمل فيها. قال الشعبي : يومها كليلتها وليلتها كيومها .

                                                                                                                                                                                                                              قال الضحاك : لا يقدر الله فيها إلا السعادة والنعم، ويقدر في غيرها البلايا والنقم، وكان ابن عباس يسميها: ليلة التعظيم. وليلة النصف من شعبان: ليلة البراءة. وليلتي العيد: ليلة الجائزة.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 573 ] خير من ألف شهر أي: العمل فيها خير من العمل في غيرها ألف شهر، أو خير من ألف شهر ليس فيها ليلة القدر، أو كان رجل في بني إسرائيل يقوم حتى يصبح ويجاهد العدو حتى يمسي فعل ذلك ألف شهر، فأخبر الله أن قيامها خير من عمل ذلك الرجل ألف شهر، أو كان ملك سليمان خمسمائة شهر وملك ذي القرنين مثلها، فجعلت ليلة القدر خيرا من ملكهما.

                                                                                                                                                                                                                              تنزل الملائكة ، قال أبو هريرة : الملائكة ليلة القدر أكثر من عدد الحصى

                                                                                                                                                                                                                              والروح : جبريل، أو حفظة الملائكة أو أشرافها، أو جند من أجناد الله من غير الملائكة.

                                                                                                                                                                                                                              بإذن ربهم : بأمره في كل أمر يقضى في تلك الليلة من رزق وأجل إلى مثلها من قابل.

                                                                                                                                                                                                                              سلام : سالمة من كل شر لا يحدث فيها حدث ولا يرسل فيها شيطان، أو هي سلامة وخير وبركة، أو تسليم الملائكة على المؤمن إلى طلوع الفجر.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 574 ] وحديث أبي هريرة سلف في الإيمان ، وما ذكره عن ابن عيينة أخرجه في "تفسيره" الذي رواه عنه أبو عبيد الله سعيد بن عبد الرحمن المخزومي ، وذكر ابن وهب، عن مسلمة بن علي، عن عروة قال: ذكر رسول الله أربعة من بني إسرائيل عبدوا الله ولم يعصوه طرفة عين، فذكر أيوب وزكريا وحزقيل ويوشع بن نون، فعجب الصحابة من ذلك، فأتاه جبريل فقال: يا محمد، عجبت أمتك من عبادة هؤلاء النفر ثمانين سنة لم يعصوا الله طرفة عين، فقد أنزل الله عليك خيرا من ذلك، ثم قرأ: إنا أنزلناه في ليلة القدر هذا أفضل مما عجبت منه أنت وأمتك، فسر بذلك والناس معه .

                                                                                                                                                                                                                              قال مالك : وبلغني أن سعيد بن المسيب كان يقول: من شهد العشاء ليلة القدر فقد أخذ بحظه منها . وكذا قال إمامنا الشافعي : من شهد العشاء والصبح ليلة القدر فقد أخذ بنصيبه منها .

                                                                                                                                                                                                                              قلت: وفي "مسند عبد الله بن وهب المصري ": من صلى العشاء الآخرة أصاب ليلة القدر. وقال ابن عباس : أنزل الله صحف إبراهيم [ ص: 575 ] في أول ليلة من رمضان وأنزل التوارة لست ليال خلون منه، وأنزل الزابور لاثنتي عشرة ليلة خلت منه، وأنزل القرآن ليلة أربعة وعشرين من رمضان . قال ابن عباس : لأن أقوم ليلة أربع وعشرين أحب إلي من أن أقوم الشهر كله .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية