الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف - رحمه الله تعالى - ( والمستحب أن يستاك عرضا لقوله صلى الله عليه وسلم : { استاكوا عرضا وادهنوا غبا واكتحلوا وترا } " ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) هذا الحديث ضعيف غير معروف ، قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح - رحمه الله - : بحثت عنه فلم أجد له أصلا ولا ذكرا في شيء من كتب [ ص: 334 ] الحديث ، واعتنى جماعة بتخريج أحاديث المهذب فلم يذكروه أصلا ، وعقد البيهقي بابا في الاستياك عرضا ولم يذكر فيه حديثا يحتج به وهذا الحكم الذي ذكره وهو استحباب الاستياك عرضا يستدل له أنه يخشى في الاستياك طولا إدماء اللثة وإفساد عمود الأسنان ، وأما الحديث الذي اعتمده المصنف فلا اعتماد عليه ولا يحتج به ، وهذا الذي ذكرناه من استحباب الاستياك عرضا هو المذهب الصحيح الذي قطع به الأصحاب في الطريقتين إلا إمام الحرمين والغزالي فإنهما قالا : يستاك عرضا وطولا فإن اقتصر فعرضا ، وهذا الذي قالاه شاذ مردود مخالف للنقل والدليل . وقد صرح جماعة من الأصحاب بالنهي عن الاستياك طولا منهم الماوردي والقاضي حسين وصاحب العدة وغيرهم ، وصرح صاحب الحاوي بكراهة الاستياك طولا ، فلو خالف واستاك طولا حصل السواك ، وإن خالف المختار وصرح به أصحابنا ، وأوضح صاحب الحاوي كيفية السواك فقال : يستحب أن يستاك عرضا في ظاهر الأسنان وباطنها ويمر السواك على أطراف أسنانه وكراسي أضراسه ، ويمره على سقف حلقه إمرارا خفيفا ، قال : فأما جلاء الأسنان بالحديد وبردها بالمبرد فمكروه ; لأنه يضعف الأسنان ويفضي إلى انكسارها ، ولأنه يخشنها فتتراكم الصفرة عليها والله أعلم .

                                      ( فرع ) ذكر في هذا الحديث الادهان غبا وهو بكسر الغين ، وهو أن يدهن ثم يترك حتى يجف الدهن ثم يدهن ثانيا ، وأما الاكتحال وترا فاختلف فيه فقيل يكون في عين وترا وفي عين شفعا ليكون المجموع وترا ، والصحيح الذي عليه المحققون أنه في كل عين وتر ، وعلى هذا فالسنة أن يكون في كل عين ثلاثة أطراف لما روى ابن عباس رضي الله عنهما قال : " { كان للنبي صلى الله عليه وسلم مكحلة يكتحل منها كل ليلة في كل عين ثلاثة } " رواه الترمذي وقال : حديث حسن ، والوتر بفتح الواو وكسرها لغتان فصيحتان قرئ بهما في السبع والله أعلم .




                                      الخدمات العلمية