الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          فصل : وإذا قال : له علي ما بين درهم وعشرة . لزمه ثمانية . وإن قال : من درهم إلى عشرة . لزمه تسعة . ويحتمل : أن يلزمه عشرة وإن قال : له علي درهم فوق درهم ، أو تحت درهم ، أو فوقه ، أو تحته ، أو قبله ، أو بعده ، أو معه درهم أو درهم ودرهم ، أو درهم بل درهمان أو درهمان بل درهم ، لزمه درهمان . وإن قال : له درهم بل درهم ، أو درهم لكن درهم . فهل يلزمه درهم أو درهمان ؛ على وجهين ، ذكرهما أبو بكر . وإن قال : له علي هذا الدرهم ، بل هذان الدرهمان . لزمته الثلاثة . وإن قال : قفيز حنطة ، بل قفيز شعير . أو درهم ، بل دينار . لزماه معا . وإن قال : درهم في دينار . لزمه درهم وإن قال : درهم في عشرة . لزمه درهم ، إلا أن يريد الحساب فيلزمه عشرة .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          فصل .

                                                                                                                          ( وإذا قال : له علي ما بين درهم وعشرة . لزمه ثمانية ) جزم به في " المحرر " و " الوجيز " ; لأن ذلك ما بينهما . وكذا إن عرفهما بالألف واللام . ( وإن قال : من درهم إلى عشرة . لزمه تسعة ) على المذهب ; لأن من لابتداء الغاية ، وأول الغاية منها . وإلى لانتهاء الغاية . ولا يقال فيها : كـ : أتموا الصيام إلى الليل [ البقرة : 187 ] . وقيل : يلزمه ثمانية . جزم به ابن شهاب ; لأن الأول والعاشر حدان فلا يدخلان في الإقرار ، فيلزمه ما بينهما . ( ويحتمل : أن يلزمه عشرة ) هذا رواية في " الوسيلة " ، قدمها في " الرعاية " ; لأن العاشر أحد الطرفين ، فيدخل فيها كالأول . وكما لو قال : قرأت القرآن من أوله إلى آخره .

                                                                                                                          قال في " المستوعب " : العشرة حد ، هل تدخل في المحدود ؛ على روايتين ، نص عليهما . إذا حلف لا كلمتك إلى العيد . وكذا الخلاف إذا قال : ما بين درهم إلى عشرة . قال في " الفروع " : ويتوجه هنا ثمانية .

                                                                                                                          وإن أراد مجموع الأعداد فخمسة وخمسون ، وهو أن يزيد أول العدد وهو واحد على العشرة ، فيصير أحد عشر ، ثم اضربها في نصف العشرة تبلغ ذلك .

                                                                                                                          وإن قال : ما بين عشرة إلى عشرين ، أو من عشرة إلى عشرين . لزمه تسعة عشر ، على الأول . وعشرين ، على الثالث . وقياس الثاني : تسعة . ذكره في " المحرر " [ ص: 368 ] وغيره . ( وإن قال : له علي درهم فوق درهم ، أو تحت درهم ، أو فوقه ، أو تحته ، أو قبله ، أو بعده ، أو معه درهم ) لزمه درهمان . قدمه في " المحرر " و " الرعاية " و " الفروع " ، وجزم به في " الوجيز " ; لأنه أقر بدرهم مقرون بآخر ، فلزماه كالعطف .

                                                                                                                          وقال القاضي : يلزمه درهم ; لأنه يحتمل فوق درهم أو تحته في الجودة ، ويحتمل معه أو مع درهم لي ، فلم يجب الزائد بالاحتمال .

                                                                                                                          فلو قال : قبله درهم وبعده درهم . لزمه ثلاثة لأن " قبل وبعد " تستعمل للتقديم والتأخير في الوجوب ، فحمل عليه .

                                                                                                                          وإن قال : قبل درهم أو بعد درهم . فاحتمالان . ذكره في " الرعاية " . ( أو درهم ودرهم ، أو درهم بل درهمان ) لزمه درهمان . ذكره في " المحرر " و " الوجيز " ، و " المستوعب " زاد : وجها واحدا ; لأنه إنما نفى الاقتصار على واحد وأثبت الزيادة عليه ، أشبه ما لو قال : درهم بل أكثر . فإنه يلزمه اثنان . وقيل : ثلاثة . وهو قول زفر وداود . ( أو درهمان بل درهم لزمه درهمان ) لأنه أقر بهما ، وإضرابه عنهما لا يصح . وإنما لم تلزمه الثلاثة ; لأن الثالث يصلح أن يدخل فيما قبله . وقيل : يلزمه درهم . وهو ظاهر . ( وإن قال : له درهم بل درهم ، أو درهم لكن درهم . فهل يلزمه درهم أو درهمان ؛ على وجهين ، ذكرهما أبو بكر ) : [ ص: 369 ] أحدهما : يلزمه درهم . قدمه في " الكافي " .

                                                                                                                          قال أحمد فيمن قال : لامرأته أنت طالق ، لا بل أنت طالق : لم تطلق إلا واحدة . وهذا في معناه ; لأنه لم يقر بأثر من درهم .

                                                                                                                          والثاني : يلزمه درهمان . قدمه في " المحرر " و " الرعاية " ، وجزم به في " الوجيز " ; حملا لكلام العاقل على الفائدة ؛ ولأن العطف يقتضي المغايرة ؛ ولأنه أضرب عن الأول ثلاثة ، فلم يسقط بإضرابه ، وأثبت الثاني معه . وإن قال : درهم بل درهمان بل ثلاثة . وجب ثلاثة . ( وإن قال : له علي هذا الدرهم ، بل هذان الدرهمان . لزمته الثلاثة ) لا نعلم فيه خلافا ؛ لأنه متى كان الذي أضرب عنه لا يمكن أن يكون المذكور بعده ولا بعضه ، لزمه الجميع ؛ لأنه يكون مقرا بهما ، ولا يقبل رجوعه عن شيء منهما ، فلزماه . ( وإن قال : قفيز حنطة ، بل قفيز شعير . أو درهم ، بل دينار . لزماه معا ) جزم به في " المحرر " و " الوجيز " ، وقدمه في " الفروع " ؛ لأن الثاني غير الأول ، وكلاهما مقر به . والإضراب لا يصح ؛ لأن الإضراب بعد الإقرار لا يصح . وقيل : يلزمه الشعير والدينار للإضراب عن الأول . ( وإن قال : درهم في دينار . لزمه درهم ) لأنه مقر به . وقوله : ( في دينار ) لا يحتمل الحساب . فإن أراد العطف أو معنى " مع " لزماه . ذكره في " الشرح " فإن فسره بالسلم فصدقه ، بطل إن تفرقا عن المجلس . [ ص: 370 ] وإن قال : ثوب قبضته في درهم إلى شهر . فالثوب مال السلم أقر بقبضه ، فيلزمه الدرهم . ( وإن قال : درهم في عشرة . لزمه درهم ) أي : إذا أطلق ولم يخالفه عرف ، كما لو قال : في عشرة لي . فإن خالفه عرف ، ففي لزومه مقتضاه وجهان . ( إلا أن يريد الحساب فيلزمه عشرة ) لأن ذلك هو المصطلح عليه عند الحساب . وإن أراد مع عشرة ، لزمه أحد عشر ، إلا أن يكون من أهل الحساب فلا يقبل عملا بالظاهر ، أو يعمل به ؛ لأنه لا يمتنع أن يستعمل اصطلاح العامة . فيه احتمالان ذكره في " الشرح " .




                                                                                                                          الخدمات العلمية