الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله (تعالى): ألم تر أن الله يعلم ما في السماوات وما في الأرض ؛ [ ص: 137 ] أي: يعلم كل ما في السماوات؛ وكل ما في الأرض؛ مما ظهر للعباد ومما بطن.

                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - عز وجل -: ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم ؛ أي: ما يكون من خلوة ثلاثة يسرون شيئا؛ ويتناجون به؛ إلا وهو رابعهم؛ عالم به؛ وهو في كل مكان؛ أي: بالعلم؛ و"نجوى"؛ مشتق من "النجوة"؛ وهو ما ارتفع؛ وتنحى"؛ تقول: "فلان من هذا المكان بنجوة"؛ إذا كان بناحية منه؛ فمعنى "يتناجون": يتخالون بما يريدون؛ وذكر الله هذه الآية لأن المنافقين واليهود كانوا يتناجون؛ فيوهمون المسلمين أنهم يتناجون فيما يسوؤهم ويؤذيهم؛ فيحزنون لذلك؛ فنهى الله - عز وجل - عن تلك النجوى؛ فعاد المنافقون واليهود إلى ذلك؛ فأعلم الله - عز وجل - النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهم قد عادوا في مثل تلك النجوى بعينها؛ فقال: ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه ويتناجون بالإثم والعدوان ومعصيت الرسول ؛ أي: يوصي بعضهم بعضا بمعصية الرسول؛ وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول ؛ أي: هلا يعذبنا الله بما نقول؟ وكانوا إذا أتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - قالوا: السام عليكم؛ و"السام": الموت؛ فقالوا: لم لا ينزل بنا العذاب إذا قلنا للنبي - عليه السلام - هذا القول؛ والله - عز وجل - وعدهم بعذاب الآخرة؛ وبالخزي في الدنيا؛ وبإظهار الإسلام؛ وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ وغلبة حزبه؛ فقال: حسبهم جهنم يصلونها ؛ وقال: كبتوا كما كبت الذين من قبلهم ؛ وقال: فإن حزب الله هم الغالبون ؛ فصدق وعده؛ ونصر جنده؛ وأظهر دينه؛ وكبت عدوه.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية