الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              1925 [ ص: 624 ] 3 - باب: لا يدخل البيت إلا لحاجة

                                                                                                                                                                                                                              2029 - حدثنا قتيبة، حدثنا ليث، عن ابن شهاب، عن عروة، وعمرة بنت عبد الرحمن، أن عائشة رضي الله عنها -زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -- قالت: وإن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليدخل علي رأسه وهو في المسجد فأرجله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة، إذا كان معتكفا [انظر: 295 - مسلم: 297 - فتح: 4 \ 273]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه عن الزهري ، عن عروة وعمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة قالت: وإن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليدخل علي رأسه وهو في المسجد فأرجله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة، إذا كان معتكفا

                                                                                                                                                                                                                              هذا الحديث أخرجه مسلم أيضا، وقال: لحاجة الإنسان .

                                                                                                                                                                                                                              والمراد بالحاجة: البول والغائط. وكذا فسره الزهري وهو راوي الحديث ، وهو إجماع ، ورواه مالك، عن الزهري، عن عروة، عن عمرة، عن عائشة، وفيه: إلا لحاجة الإنسان . قال أبو داود: لم يتابع أحد مالكا في هذا الحديث على ذكر عمرة . واضطرب فيه أصحاب الزهري فقالت طائفة: عنه، عن عروة، عن عائشة . وكذا رواه ابن مهدي، عن مالك .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 625 ] وقالت طائفة: عن عروة وعمرة جميعا عن عائشة . وكذا رواه ابن وهب، عن مالك، وأكثر الرواة عن مالك، عن عروة، عن عمرة فخطئوه في ذكر عمرة .

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن بطال : ولهذه العلة -والله أعلم- لم يدخل البخاري حديث مالك وإن كان فيه زيادة تفسير; (لكونه) ترجم للحديث بتلك الزيادة إذ كان ذلك عنده معنى الحديث، ثم الحديث دال على أن المعتكف لا يشتغل بغير ملازمة المسجد للصلاة، والتلاوة، والذكر، ولا يخرج إلا لما إليه حاجة، وفي معنى الترجيل: كل ما فيه صلاح بدنه من الغذاء وغيره، ولا شك أن المعتكف ألزم نفسه المقام للطاعة

                                                                                                                                                                                                                              فلا يشتغل بما يلهي عنها، ولا يخرج إلا لضرورة كالمرض البين والحيض في النساء، وهو في معنى خروجه للحاجة.

                                                                                                                                                                                                                              واختلفوا في خروجه لما سوى ذلك، فروي عن النخعي، والحسن البصري، وابن جبير أن له أن يشهد الجمعة ويعود المرضى ويتبع الجنائز . وذكر ابن الجهم، عن مالك : يخرج للجمعة ويتم اعتكافه في الجامع. وقال عبد الملك : إن خرج إلى الجمعة فسد اعتكافه، ومنعت طائفة خروجه لعيادة المريض والجنائز، وهو قول عطاء وعروة والزهري ومالك وأبي حنيفة، والشافعي وأبي ثور .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 626 ] وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا يخرج المعتكف إلا إلى الجمعة والبول والغائط خاصة . وقال مالك : إن خرج المعتكف لعذر ضرورة مثل موت أبويه وابنه ولا يكون له من يقوم به فإنه يبتدئ اعتكافه، والذين منعوا خروجه لغير الحاجة أسعد باتباع الحديث .

                                                                                                                                                                                                                              وفيه كما قال ابن المنذر : دلالة على امتناع العشاء في بيته والخروج من موضعه إلا للحاجة. قال: واختلفوا في ذلك، فكان الحسن وقتادة يقولان: له أن يشرط العشاء في منزله. وبه قال أحمد، وقال أحمد : إن كان المعتكف في بيته فلا شيء عليه . وقال أبو مجلز : ليس له ذلك . وهو يشبه مذاهب المدنيين وبه نقول; لأنه موافق للسنة، وعن مالك في الرجل يأتيه الطعام من منزله ليأكله في المسجد فقال: أرجو أن يكون خفيفا .

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: دلالة غير ما سلف على إباحة غسل المعتكف رأسه : لأنه في معنى الترجيل .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية