الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                        1572 [ ص: 151 ] ( 7 ) باب ما يجب فيه القطع

                                                                                                                        1548 - مالك عن نافع ، عن عبد الله بن عمر ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع في مجن ثمنه ثلاثة دراهم .

                                                                                                                        [ ص: 152 ] 1549 - مالك ، عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين المكي ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا قطع في ثمر معلق ، ولا في حريسة جبل فإذا آواه المراح أو الجرين فالقطع فيما يبلغ ثمن المجن " .

                                                                                                                        1550 - مالك ، عن عبد الله بن أبي بكر ، عن أبيه ، عن عمرة بنت عبد الرحمن ؛ أن سارقا سرق في زمان عثمان أترجة ، فأمر بها عثمان بن عفان أن تقوم ، فقومت بثلاثة دراهم ، من صرف اثني عشر درهما بدينار ، فقطع عثمان يده .

                                                                                                                        [ ص: 153 ] 1551 - مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن عمرة بنت عبد الرحمن ، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أنها قالت : ما طال علي وما نسيت : " القطع في ربع دينار فصاعدا " .

                                                                                                                        35834 - وقال مالك : أحب ما يجب فيه القطع إلي ، ثلاثة دراهم ، وإن ارتفع الصرف أو اتضع ، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع مجن قيمته ثلاثة دراهم وأن عثمان بن عفان قطع في أترجة قومت بثلاثة دراهم . وهذا أحب ما سمعت إلي في ذلك .

                                                                                                                        [ ص: 154 ]

                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                        [ ص: 154 ] 35835 - قال أبو عمر : أدخل مالك - رحمه الله - في أول هذا الباب الحديث المسند الصحيح الإسناد ؛ حديث ابن عمر ، وهذا أثبت ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم في معناه ، وهو يوجب القطع في كل عرض مسروق يبلغ ثمنه ثلاثة دراهم .

                                                                                                                        35836 - وأردفه بالحديث المرسل ، ومراسيل الثقات عندهم صحاح ، يجب العمل بها ، وهو مع هذا يستند من حديث عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، رواه الثقات ، عن عمرو بن شعيب ؛ منهم : عمرو بن الحارث ، وهشام بن سعد ، ومحمد بن إسحاق .

                                                                                                                        35837 - حدثني سعيد بن نصر ، قال : حدثني قاسم بن أصبغ ، قال : حدثني محمد بن وضاح ، قال : حدثني أبو بكر ، قال : حدثني عبد الله بن إدريس ، قال : حدثني محمد بن إسحاق ، قال : وحدثني عبد الوارث بن سفيان واللفظ لحديثه ، قال : وحدثني قاسم بن أصبغ ، قال : حدثني ابن وضاح ، قال : حدثني سحنون ، قال : حدثني ابن وهب ، قال : أخبرني هشام بن سعد ، وعمرو بن الحارث ، ثم اتفقا عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " لا قطع في ثمر معلق ، ولا في حريسة جبل ، فإذا أواه المراح والجرين ، فالقطع فيما بلغ ثمن المجن " .

                                                                                                                        [ ص: 155 ] 35838 - قال أبو عمر : كأن مالكا - رحمه الله - إنما أراد بإدخاله هذا الحديث بإثر حديث ابن عمر البيان أن المجن المذكور فيه هو الذي روى ابن عمر ، أن ثمنه ثلاثة دراهم ، ردا على الكوفيين الذين يرون أن ثمن المجن الذي قطع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عشرة دراهم ، ثم أردفه بحديث عثمان - رضي الله عنه - أنه قطع في ثمن أترجة قومت بثلاثة دراهم من صرف اثني عشر درهما - يعني بدينار - ثم أردف ذلك بحديث عائشة ؛ قولها : ما طال علي ، وما نسيت ، والقطع في ربع دينار فصاعدا ، تريد ثلاثة دراهم من الصرف المذكور ، ثم اختار القطع ، فيما بلغ ثلاثة دراهم ، واستحبه دون مراعاة ربع دينار ذهبا ، في تقويم العروض المسروقة ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم عثمان بعده ، إنما قوم المجن ، والأترجة بالثلاثة دراهم ، لا بربع دينار ذهبا .

                                                                                                                        35839 - وتحصيل مذهبه ، أنه لا يرد الذهب إلى الفضة بالقيمة ، ولا ترد الفضة إلى الذهب بالقيمة ، ومن سرق من الذهب ربع دينار فصاعدا فعليه القطع ، ومن سرق من الفضة ثلاثة دراهم فصاعدا ، فعليه القطع ولو سرق [ ص: 156 ] السارق درهمين ؛ صرفهما ربع دينار ، لم يجب عليه قطع ، ومن سرق ما عداهما من العروض كلها ، قومت سرقته بالثلاثة دراهم ، لا بربع دينار ، ارتفع الصرف بذلك أو انخفض .

                                                                                                                        35840 - وبهذا كله قال أحمد بن حنبل ، إلا أن أحمد يقول : من سرق من العروض ما يبلغ ثمنه ثلاثة دراهم ، أو ربع دينار قطع ، ولا يقطع في الدراهم ، حتى تكون ثلاثة دراهم ، ولا في الذهب ، حتى يكون ربع دينار .

                                                                                                                        35841 - وهو قول إسحاق ، في رواية .

                                                                                                                        35842 - وأما الشافعي - رحمه الله - فإنما عزل ، واحتمل على حديث عائشة ، في ربع دينار من الورق - لا يساوي ربع دينار ذهبا - لم يجب عليه القطع ؛ لأن الثلاثة دراهم إنما ذكرت في الحديث ؛ لأنها كانت يومئذ ربع دينار ذهبا . وذلك بين في حديث عثمان في الأترجة ، إذ قال : من صرف اثني عشر درهما ، ومن سرق شيئا من العروض كلها - على اختلاف أجناسها - لم تقوم سرقته إلا بربع دينار ذهبا ، ارتفع الصرف أو انخفض ، إلا بالثلاثة الدراهم .

                                                                                                                        35843 - وحجته في ذلك ، قول عائشة : ما طال علي ، وما نسيت : " القطع في ربع دينار فصاعدا " . وذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم من رواية الثقات .

                                                                                                                        [ ص: 157 ] 35844 - وقد روي عن إسحاق مثل قول الشافعي .

                                                                                                                        35845 - وبه قال أبو ثور ، وداود : كلهم يقدروا بدينار في تقويم العروض المسروقة ، وفي الصرف أيضا ، ارتفع الصرف أو اتضع .

                                                                                                                        35846 - وقوله [ . . . . . . . . . . . . . ] كالشافعي سواء .

                                                                                                                        35847 - والحجة للشافعي وأبي ثور وداود ومن قال بقولهم ، ما حدثناه سعيد بن نصر ، وعبد الوارث ، قالا : حدثني قاسم بن أصبغ ، قال : حدثني ابن وضاح ، قال : حدثني أبو بكر ، قال : حدثني يزيد بن هارون ، قال : حدثني ابن كثير ، وإبراهيم بن سعد ، قالا جميعا : أخبرنا الزهري ، عن عمرة ، عن عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " القطع في ربع دينار فصاعدا " .

                                                                                                                        [ ص: 158 ] 35848 - وحدثاني ، قالا : حدثني قاسم بن أصبغ ، قال : حدثني محمد بن إسماعيل ، قال : حدثني الحميدي ، قال : حدثني سليمان ، قال : حدثني أربعة عن عمرة ، عن عائشة ، لم يرفعوه ؛ عبد الله بن أبي بكر ، ورزيق بن حكيم ، ويحيى ، وعبد ربه ابنا سعيد ، إلا أن في حديث يحيى ، ما دل على أن الرفع قولها : ما طال علي وما نسيت : " القطع في ربع دينار فصاعدا " .

                                                                                                                        35849 - قال : وحدثني الزهري - وكان أحفظهم - قال : حدثتني عمرة ، عن عائشة ، أنها سمعتها تقول : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقطع في ربع دينار فصاعدا ، فرفعه الزهري وهو أحفظهم .

                                                                                                                        35850 - وهذا كله كلام ابن عيينة .

                                                                                                                        35851 - وكذلك رواه معمر ، وسائر أصحاب الزهري ، عنه ، عن عمرة ، عن عائشة ، مرفوعا .

                                                                                                                        35852 - ذكر عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، عن عمرة ، عن عائشة ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " تقطع اليد في ربع دينار فصاعدا " .

                                                                                                                        [ ص: 159 ] 35853 - ورواه الليث بن سعد ، عن ابن الهادي ، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، عن عمرة ، عن عائشة ، قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا تقطع يد السارق إلا في ربع دينار فصاعدا " .

                                                                                                                        35854 - قال أبو عمر : حديث ابن شهاب الزهري ، وأبي بكر بن محمد ، عن عمرة ، عن عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أصح ما في هذا الباب .

                                                                                                                        35855 - وبه قال عمر بن عبد العزيز ، والليث بن سعد ، والأوزاعي ، والشافعي وأصحابه .

                                                                                                                        35856 - وإليه ذهب أبو ثور ، وداود .

                                                                                                                        35857 - وقال داود : ليس في حديث ابن عمر ؛ لأن الثلاثة دارهم كانت ربع دينار .

                                                                                                                        35858 - قال : ولو خالف ابن عمر لحديث عائشة ؛ لأنها حكته عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وابن عمر إنما أخبر أن قيمة المجن كانت ثلاثة دارهم ، ولم يذكر ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                        35859 - وروي مثل قول الشافعي في هذا الباب ، عن عمر ، وعثمان ، وعلي - رضي الله عنهم - وهي منقطعة ، وأحسنها حديث علي .

                                                                                                                        35860 - حدثناه عبد الوارث ، قال : حدثني قاسم ، قال : حدثني محمد بن [ ص: 160 ] عبد السلام ، قال : حدثني محمد بن بشار ، قال : حدثني يحيى بن سعيد ، عن جعفر بن محمد عن أبيه ، أن عليا - رضي الله عنه - قطع في ربع دينار ، درهمين ونصف .

                                                                                                                        35861 - وذكر أبو بكر ، قال : حدثني عبد الرحمن ، عن يحيى بن سعيد ، عن أبي بكر بن محمد ، قال : أتي عثمان - رضي الله عنه - في رجل سرق أترجة ، فقومها بربع دينار ، فقطع يده .

                                                                                                                        35862 - قال أبو عمر : فهذان القولان لفقهاء الحجاز - ومن قال بقولهم - متقاربان في وجه ، مختلفان في آخر .

                                                                                                                        35863 - وأما فقهاء العراق ، فلا يرون قطع يد السارق في أقل من عشرة دراهم ، إلا أن منهم من يراعيها دون مراعاة دينار .

                                                                                                                        35864 - ومنهم من يقول بقطع اليد في دينار ، أو في عشرة دراهم .

                                                                                                                        35865 - فالدينار عندهم عشرة دراهم على ما قوم به عمر الدينار في الدية ، فجعلها في روايته ألف دينار ، أو عشرة آلاف درهم .

                                                                                                                        [ ص: 161 ] 35866 - وروي عن علي بن أبي طالب ، وعبد الله بن مسعود أنهما قالا : تقطع اليد في أقل من دينار ، أو عشرة دراهم .

                                                                                                                        35867 - وروى وكيع ، عن حمزة الزيات ، عن الحكم ، عن أبي جعفر ، قال : قيمة المجن الذي قطعت فيه اليد دينار .

                                                                                                                        35868 - وقال إبراهيم النخعي : لا تقطع اليد إلا في دينار أو قيمته .

                                                                                                                        35869 - وأما سفيان الثوري ، وأبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد ، وزفر فقالوا : لا تقطع اليد إلا في عشرة دراهم .

                                                                                                                        35870 - وهذا قول عطاء .

                                                                                                                        35871 - وقال أبو حنيفة وأصحابه : لا يقطع من سرق مثقالا من ذهب ، حتى يكون المثقال يساوي عشرة دراهم مضروبة فصاعدا ، ولا يقطع من سرق نفرا من فضة وزنها عشرة دراهم مضروبة ، ولا يقطع من سرق عشرة دراهم زائفة ، أو مبهرجة إذا كانت لا تساوي عشرة دراهم بيضا .

                                                                                                                        [ ص: 162 ] 35872 - فالحجة لمن قال : إن اليد لا تقطع إلا في عشرة دراهم ، وأن المجن الذي قطع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ثمنه عشرة دراهم .

                                                                                                                        35873 - ما حدثناه عبد الوارث قال : حدثني قاسم ، قال : حدثني محمد ، قال : حدثني أبو بكر ، قال حدثني ابن نمير ، وعبد الأعلى ، قالا : حدثني محمد بن إسحاق ، عن أيوب بن موسى ، عن عطاء ، عن ابن عباس ، قال : كان ثمن المجن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة دراهم .

                                                                                                                        35874 - قال أبو بكر قال : وحدثني عبد الأعلى عن محمد بن إسحاق ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تقطع يد السارق في دون ثمن المجن " . قال : وكان ثمن المجن عشرة دراهم .

                                                                                                                        35875 - قال : فهذا ابن عباس ، وعبد الله بن عمرو بن العاص ، قد خالفا ابن عمر في ثمن المجن الذي قطع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم يد السارق .

                                                                                                                        35876 - فالواجب أن لا تستباح اليد إلا بيقين ؛ لأن صاحب العشرة يجامعه [ ص: 163 ] صاحب الثلاثة ، وليس صاحب العشرة بجامع لصاحب الثلاثة .

                                                                                                                        35877 - قال أبو عمر : قد يكون ذلك أمرين في حدين ، إذا صح القطع في ثلاثة دراهم فصاعدا دخل فيه العشرة ، وكل ما زاد على الثلاثة ، والله أعلم كيف كان ذلك ، وحديث ربع دينار أولى ما قيل في هذا الباب ، والله الموفق للصواب .

                                                                                                                        35878 - قال أبو عمر : من قال : لا تقطع اليد إلا في ثلاثة دراهم فصاعدا ، ومن قال : في ربع دينار فصاعدا ، أو من قال : في دينار ، أو عشرة دراهم فصاعدا ؛ لكل واحد منهم حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يحدثه ، ويسند إليه ، ويحتج به ، ويعول عليه ، ولكل واحد منهم سلف من الصحابة ، والتابعين .

                                                                                                                        35879 - وفي المسألة أقاويل غير هذه ، ليس في شيء منها حديث مسند إلا واحد منها ، وفيها أحاديث منقطعة لا تثبت أن ثمن المجن الذي قطع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم كان خمسة دراهم .

                                                                                                                        35880 - وقد قال بأن اليد لا تقطع إلا في خمسة دراهم فصاعدا جماعة ؛ منهم ابن أبي ليلى ، وابن شبرمة .

                                                                                                                        [ ص: 164 ] 35881 - وروي ذلك عن عمر بن الخطاب ، وسليمان بن يسار .

                                                                                                                        35882 - ذكر أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثني ابن إدريس ، عن ابن أبي عروبة ، وإسماعيل عن قتادة ، عن سعيد بن المسيب ، قال : لا يقطع الخمس إلا في خمس .

                                                                                                                        35883 - قال : وحدثني أبو داود ، عن هشام ، عن قتادة عن سليمان بن يسار ، قال : لا يقطع الخمس إلا في خمس .

                                                                                                                        35884 - وقد روى شعبة ، عن قتادة عن أنس ، قال : قطع أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - في مجن ، قيمته خمسة دراهم .

                                                                                                                        35885 - قال أبو عمر : هذا حديث رواه الثوري ، عن شعبة ، وليس فيه حجة ؛ لأن من رأى القطع في ثلاثة دراهم قطعها فيما زاد ، خمسة ، أو غير خمسة .

                                                                                                                        35886 - وقول آخر ؛ أن اليد لا تقطع إلا في أربعة دراهم فصاعدا .

                                                                                                                        38557 - روي ذلك عن أبي سعيد الخدري ، وأبي هريرة ، من حديث يحيى [ ص: 165 ] القطان ، وحديث شعبة أيضا رواه جميعا عن داود بن أصيبيح ، أنه سمع أبا سعيد ، وأبا هريرة ، يقولان : لا تقطع اليد إلا في أربعة دراهم فصاعدا .

                                                                                                                        35888 - ذكره أبو بكر ، قال : حدثني غندر ، وذكره بندار ، عن يحيى القطان .

                                                                                                                        35889 - قال أبو بكر : وحدثني عبد الوهاب الثقفي ، عن خالد ، عن عكرمة ، قال : تقطع اليد في ثمن المجن ، قال خالد : قلت له : ذكر لك ثمنه ؟ قال : أربعة أو خمسة .

                                                                                                                        35890 - وقال عثمان البتي : تقطع اليد في درهم .

                                                                                                                        35891 - وروي عن الحسن البصري في هذا الباب روايات :

                                                                                                                        35892 - فروى الأشعث بن عبد الملك أنه قال : ما كنت لأن أقطع اليد في أقل من خمسة دراهم .

                                                                                                                        35893 - وروى منصور عنه أنه كان لا يوقت في السرقة شيئا ، ويتلو هذه الآية : ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ) [ المائدة : 38 ] .

                                                                                                                        [ ص: 166 ] 35894 - وروى قتادة عنه أنه قال : تذاكرنا على عهد زياد ما تقطع فيه اليد ، فأجمع رأينا على درهمين .

                                                                                                                        35895 - وقالت الخوارج ، وطائفة من أهل الكلام : كل سارق بالغ سرق ما له قيمة - قلت أو كثرت - فعليه القطع .

                                                                                                                        35896 - واحتج بعض المتأخرين ممن ذهب إلى هذا ، ما حدثناه سعيد ، وعبد الوارث ، قالا : حدثني قاسم ، قال : حدثني محمد ، قال : حدثني أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثني أبو معاوية ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي هريرة ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لعن الله السارق يسرق البيضة فتقطع يده ، ويسرق الحبل فتقطع يده " .

                                                                                                                        35897 - وهذا حديث شاذ ، ويحتمل أن يكون معناه القليل ؛ لأن مقدار ما تقطع فيه يد السارق في جناية يده قليل .

                                                                                                                        35898 - وقد قيل : إن حديث أبي هريرة هذا كان في حين نزول الآية ، ثم أحكمت الأمور بعد ، أحكمها الله تعالى بأن سن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبين مراد الله [ ص: 167 ] من كتابه ، فقال ما رواه الزهري ، وغيره ، عن عمرة ، عن عائشة ، قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا قطع إلا في ربع دينار فصاعدا " .

                                                                                                                        35899 - وقد قيل : إنه أراد - عليه الصلاة والسلام - بذكر البيضة في حديث أبي هريرة بيضة الحديد ، وليس بشيء ، والصواب ما قدمت لك والله أعلم .

                                                                                                                        35900 - ذكر أبو بكر ، قال : حدثني حاتم بن إسماعيل ، قال : حدثني جعفر بن محمد عن أبيه ، أن عليا - رضي الله عنه - قطع يد سارق في بيضة حديد ، ثمنها ربع دينار .

                                                                                                                        1552 - قال أبو عمر : ذكر مالك في هذا الباب حديثه عن عبد الله بن أبي بكر ، عن عمرة ، قالت : خرجت عائشة إلى مكة ، ومعها مولاتان لها ومعهما غلام لبني عبد الله بن أبي بكر الصديق فبعثت مع المولاتين ببرد مرجل ، قد خيط عليه خرقة خضراء قالت : فأخذ الغلام البرد ففتق عنه فاستخرجه ، وجعل مكانه لبدا أو فروة ، وخاط عليه ، فلما قدمت المولاتان المدينة دفعتا ذلك إلى أهله ، فلما فتقوا عنه وجدوا فيه اللبد ، ولم يجدوا البرد ، فكلموا المرأتين ، فكلمتا عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ، أو كتبتا إليها ، واتهمتا العبد ، فسئل العبد عن ذلك فاعترف ، فأمرت به عائشة زوج النبي [ ص: 168 ] صلى الله عليه وسلم فقطعت يده ، وقالت عائشة : القطع في ربع دينار فصاعدا .

                                                                                                                        35901 - وليس فيه أكثر من فتيا عائشة بقطع يد العبد السارق ، وقولها : القطع في ربع دينار فصاعدا .

                                                                                                                        35902 - وسيأتي القول في الحرز في موضعه من باب جامع القطع . إن شاء الله عز وجل .

                                                                                                                        35903 - ولم يختلف العلماء فيمن أخرج الشيء المسروق من حرزه سارقا له ، وبلغ المقدار الذي تقطع فيه يده ، أن عليه القطع ؛ حرا كان أو عبدا ، ذكرا كان أو أنثى ، مسلما كان أو ذميا ؛ لأن العبد الآبق إذا سرق اختلف السلف في قطعه ، ولم يختلف أئمة فقهاء الأمصار في ذلك . والحمد لله .




                                                                                                                        الخدمات العلمية