الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      فما كان جواب قومه بالنصب على أنه خبر كان واسمها قوله تعالى: إلا أن قالوا اقتلوه أو حرقوه .

                                                                                                                                                                                                                                      وقرأ الحسن وسالم الأفطس بالرفع على العكس، وقد مر ما فيه في نظائره، والمراد بالقتل ما كان بسيف ونحوه فتظهر مقابلة الإحراق له، ولا حاجة إلى جعل أو بمعنى بل، والآمرون بذلك إما بعضهم لبعض أو كبرائهم قالوا لأتباعهم: اقتلوه فتستريحوا منه عاجلا أو حرقوه بالنار فإما أن يرجع إلى دينكم إذا مضته [ ص: 150 ] النار وإما أن يموت بها إن أصر على قوله ودينه، وأيا ما كان ففيه إسناد ما للبعض إلى الكل، وجاء هنا الترديد بين قتله عليه السلام وإحراقه فقد يكون ذلك من قائلين ناس أشاروا بالقتل وناس بالإحراق، وفي اقترب قالوا حرقوه اقتصروا على أحد الشيئين وهو الذي فعلوه رموه عليه السلام في النار ولم يقتلوه ثم إنه ليس المراد أنهم لم يصدر عنهم بصدد الجواب عن حججه عليه السلام إلا هذه المقالة الشنيعة كما هو المتبادر من ظاهر النظم الكريم، بل إن ذلك هو الذي استقر عليه جوابهم بعد اللتيا والتي في المرة الأخيرة، وإلا فقد صدر عنهم من الخرافات والأباطيل ما لا يحصى فأنجاه الله من النار الفاء فصيحة أي فألقوه في النار فأنجاه الله تعالى منها بأن جعلها سبحانه عليه بردا وسلاما حسبما بين في مواضع أخر، وقد مر بيان كيفية إلقائه عليه السلام فيها وإنجائه تعالى إياه منها، وكان ذلك في كوثى من سواد الكوفة، وكونه في المكان المشهور اليوم من أرض الرها وعنده صورة المنجنيق وماء فيه سمك لا يصطاد ولا يؤكل حرمة له لا أصل له إن في ذلك أي في إنجائه عليه السلام منها لآيات بينة عجيبة وهي حفظه تعالى إياه من حرها وإخمادها في زمان يسير وإنشاء روض في مكانها.

                                                                                                                                                                                                                                      وعن كعب أنه لم يحترق بالنار إلا الحبل الذي أوثقوه عليه السلام به، ولولا وقوع اسم الإشارة في أثناء القصة لكان الأولى كونه إشارة إلى ما تضمنته لقوم يؤمنون خصهم بالذكر لأنهم المنتفعون بالفحص عنها، والتأمل فيها.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية