الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              1936 [ ص: 663 ] 14 - باب: الاعتكاف في شوال

                                                                                                                                                                                                                              2041 - حدثنا محمد أخبرنا محمد بن فضيل بن غزوان، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة بنت عبد الرحمن، عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعتكف في كل رمضان، وإذا صلى الغداة دخل مكانه الذي اعتكف فيه. قال: فاستأذنته عائشة أن تعتكف، فأذن لها فضربت فيه قبة، فسمعت بها حفصة، فضربت قبة، وسمعت زينب بها، فضربت قبة أخرى، فلما انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الغد أبصر أربع قباب، فقال: "ما هذا؟ ". فأخبر خبرهن، فقال: "ما حملهن على هذا آلبر؟! انزعوها فلا أراها". فنزعت، فلم يعتكف في رمضان حتى اعتكف في آخر العشر من شوال. [انظر: 2033 - مسلم: 1173 - فتح: 4 \ 283]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث عائشة : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعتكف في كل رمضان، وإذا صلى الغداة دخل مكانه .. الحديث. وفي آخره: فلم يعتكف في رمضان حتى اعتكف في آخر العشر من شوال.

                                                                                                                                                                                                                              وقد سلف ذلك ، والاعتكاف في شوال وسائر السنة مباح لمن أراده، وهو يوهم أنه كان يدخل بعد صلاة الغداة وليس كذلك، بل كان يدخل الخباء فإذا صلى المغرب دخل معتكفه، واتفق الأربعة أن المعتكف إذا نذر اعتكاف شهر أنه لا يدخل إلا عند الغروب، وهو قول النخعي .

                                                                                                                                                                                                                              وقال الأوزاعي بظاهر الحديث: يصلي الصبح، ثم يقوم إلى معتكفه، وما أسلفناه يرده، واختلفوا إذا نذر يوما أو أياما، فقال مالك : يدخل قبل غروب ليلة ذلك اليوم. وقال الشافعي : إذا أراد [ ص: 664 ] اعتكاف يوم دخل قبل طلوع فجره وخرج بعد غروب شمسه. خلاف قوله في الشهر.

                                                                                                                                                                                                                              وقال أبو ثور : إذا أراد أن يعتكف عشرة أيام دخل في اعتكافه قبل طلوع الفجر، وإذا أراد اعتكاف عشر ليال دخل قبل الغروب.

                                                                                                                                                                                                                              وقال الليث وزفر وأبو يوسف : يدخل قبل طلوع الفجر. واليوم والشهر عندهم سواء.

                                                                                                                                                                                                                              ذهب هؤلاء إلى أن الليل لا يدخل في الاعتكاف إلا أن يتقدمه اعتكاف النهار، وليس الليل بموضع للاعتكاف، فلا يصح الابتداء به.

                                                                                                                                                                                                                              وذهب الأولون إلى أن النهار تبع لليل على كل حال: فلذلك بدءوا بالليل، وهذا هو الصحيح في هذه المسألة: لأن المعروف عند جميع الأمة تقديم الأول للنهار، بكون الأهلة مواقيت للناس في الشهور، والعدد وغير ذلك، وأول الشهر ليله، فكذلك كل عدد من الأيام وإن قل فإن أوله ليله، ولا حجة لمن خالف هذا.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية