الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
له مقاليد السماوات والأرض يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه بكل شيء عليم

خبر رابع أو خامس عن الضمير في قوله : وهو على كل شيء قدير وموقع هذه الجملة كموقع التي قبلها تتنزل منزلة النتيجة لما تقدمها ، لأنه إذا ثبت أن الله هو الولي وما تضمنته الجمل بعدها إلى قوله : يذرؤكم فيه من انفراده بالخلق ، ثبت أنه المنفرد بالرزق .

والمقاليد : جمع إقليد على غير قياس ، أو جمع مقلاد ، وهو المفتاح ، وتقدم عند قوله تعالى : له مقاليد السماوات والأرض في سورة الزمر .

[ ص: 49 ] وتقديم المجرور لإفادة الاختصاص ، أي هي ملكه لا ملك غيره .

والمقاليد هنا استعارة بالكناية لخيرات السماوات والأرض ، شبهت الخيرات بالكنوز ، وأثبت لها ما هو من مرادفات المشبه به وهو المفاتيح ، والمعنى : أنه وحده المتصرف بما ينفع الناس من الخيرات . وأما ما يتراءى من تصرف بعض الناس في الخيرات الأرضية بالإعطاء والحرمان والتقتير والتبذير فلا اعتداد به لقلة جدواه بالنسبة لتصرف الله تعالى .

وجملة يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر مبينة لمضمون جملة له مقاليد السماوات والأرض . وبسط الرزق : توسعته ، وقدره كناية عن قلته ، وتقدم عند قوله : الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر في سورة الرعد .

وجملة إنه بكل شيء عليم استئناف بياني هو كالعلة لقوله : لمن يشاء ، أي أن مشيئته جارية على حسب علمه بما يناسب أحوال المرزوقين من بسط أو قدر .

وبيان هذا في قوله الآتي ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض .

التالي السابق


الخدمات العلمية