الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( والأظهر ) في خيار المجلس والشرط ( أنه إن كان الخيار للبائع ) أو لأجنبي عنه ( فملك المبيع ) بتوابعه الآتية وحذفها لفهمها منه إذ يلزم من ملك الأصل ملك الفرع غالبا ( له ) وملك الثمن بتوابعه للمشتري ( وإن كان ) الخيار ( للمشتري ) [ ص: 20 ] أو لأجنبي عنه ( فله ) ملك المبيع وللبائع ملك الثمن لقصر التصرف على من له الخيار ، والتصرف دليل وكونه لأحدهما في خيار المجلس بأن يختار الآخر لزوم العقد ( وإن كان ) الخيار ( لهما ) أو لأجنبي عنهما ( ف ) الملك في المبيع والثمن ( موقوف فإن تم البيع بان أنه ) أي ملك المبيع ( للمشتري ) وملك الثمن للبائع ( من حين العقد وإلا ) بأن لم يتم كأن فسخ ( فللبائع ) ملك المبيع وللمشتري ملك الثمن من حين العقد وكأن كلا لم يخرج عن ملك مالكه ، إذ أحد الجانبين ليس أولى من الآخر فوقف الأمر إلى اللزوم أو الفسخ ، وينبني على ذلك الأكساب والفوائد كلبن وثمر ومهر ونفوذ عتق واستيلاد وحل وطء ووجوب مؤنة ، فكل من حكمنا بملكه لعين ثمن أو مثمن كان له وعليه ونفذ منه وحل له ما ذكر ، ولو فسخ العقد بعده بناء على الأصح من أن الفسخ يرفع العقد من حينه لا من أصله ومن لم يخير لا ينفذ شيء منه مما ذكر فيما خير فيه صاحبه وإن آل الملك إليه وعليه مهر وطء لمن خير ، ويحرم على المشتري الوطء ما لم يأذن له البائع والخيار للبائع دونه ولا حد بالشبهة ولهذا كان الولد حرا نسبا ، وما ذكره المصنف توسط في المسألة والثاني الملك للمشتري مطلقا لتمام البيع له بالإيجاب والقبول .

                                                                                                                            والثالث لبائع مطلقا ، ولو اجتمع خيار المجلس لهما وخيار الشرط لأحدهما فهل يغلب الأول فيكون الملك موقوفا أو الثاني فيكون لذلك الأحد الظاهر كما أفاده الشيخ الأول ، لأن خيار المجلس كما قالاه أسرع وأولى ثبوتا من خيار الشرط لأنه أقصر غالبا ، وقول الزركشي : الظاهر الثاني لثبوت خيار الشرط بالإجماع بعيد كما لا يخفى ، ومرادهم بحل وطء مع عدم حسبان الاستبراء في زمن الخيار حله من حيث الملك وانقطاع سلطنة البائع وإن حرم من حيث عدم الاستبراء فهو كما لو حرم من حيث نحو إحرام وحيض ، ونظيره قوله تعالى { فإن طلقها فلا تحل له من بعد } الآية ، وهذا أولى من [ ص: 21 ] قصر الزركشي لذلك على ما لو اشترى زوجته قال : فإنه لا يلزمه حيث كان الخيار له ، فإن كان لهما لم يجز له وطؤها زمنه إذ لا يدري أيطأ بالملك أم بالزوجية ، وما جزم به من حل الوطء في الأولى هو الأوجه ، وجزم جمع بحرمته فيها وإن لم يجب استبراء لضعف الملك ، وزاد في المجموع على منع حل الوطء فيما مر قال الروياني : فإن تم البيع فهل يلزمه استبراؤها ؟ وجهان بناء على جواز الوطء إن حرمناه لزم وإلا فلا ا هـ .

                                                                                                                            وهو طريقة ضعيفة وإن انفسخ البيع ، فإن قلنا الملك للبائع أو موقوف فالنكاح بحاله أو للمشتري فوجهان أصحهما عدم الانفساخ لأن ملكه غير مستقر ، ولو اشترى مطلقته ثم راجعها في زمن الخيار فإن تم البيع لم تصح الرجعة وإن فسخ صحت ، إن قلنا الملك للبائع أو موقوف أو للمشتري فوجهان أصحهما عدم صحتها ، وفي حالة الوقف يطالبان بالإنفاق ثم يرجع من بان عدم ملكه على الآخر ، وقيده بعضهم بما لو أنفق بإذن الحاكم ، وقد يتوقف فيه لوجود تراضيهما عليه وهو كاف في مثل ذلك ، وكذا لو أنفق عليها ناويا الرجوع وأشهد عليها عند امتناع صاحبه وفقد الحاكم أخذا مما سيأتي في المساقاة وهرب الجمال ، ويحرم وطؤها حينئذ على كل منهما ولو بإذن البائع للمشتري ، وقول الإسنوي : إنه يحل له بإذن البائع مبني على بحث المصنف أن مجرد الإذن في التصرف إجازة والمنقول خلافه ، [ ص: 22 ] وقد يوجه حله بأنه لم يقع إلا وقد رضيا ببقاء العقد لحصول رضا البائع بإذنه فيه ورضا المشتري بشروعه فيه .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : أو لأجنبي عنه ) أي البائع بأن كان نائبا عنه ( قوله : ملك الفرع غالبا ) [ ص: 20 ] أي ومن غير الغالب ما لو أوصى بغلة بستان مثلا ثم مات الموصي وقبل الموصى له الوصية ( قوله : أو لأجنبي عنه ) أي المشتري بأن كان نائبا عنه ( قوله : والتصرف دليل ) أي على ملكه له ( قوله : كلبن ) أي وحمل على ما اقتضاه إطلاق الفوائد ( قوله : ولو فسخ ) غاية ( قوله : ويحرم على المشتري الوطء ) ظاهره حله للبائع إذا كان الخيار له أو لهما لكن صريح قوله بعد ويحرم وطؤها حينئذ على كل منهما إلخ خلافه ( قوله : ما لم يأذن ) متعلق بقوله وعليه مهر وطء وكان الأولى إسقاط قوله ويحرم على المشتري الوطء لأنها علمت مما مر ثم رأيتها ساقطة في نسخة ( قوله : والخيار ) أي والحال وقوله للبائع أما لهما قضية قوله الآتي ويحرم وطؤها حينئذ على كل منهما خلافه والظاهر أنه غير مراد أو لأن وطء المشتري بإذن البائع إجازة من البائع فتقضي عدم المهر ( قوله دونه ) أي وإن أذن له البائع ( قوله : ولهذا كان ) أي للشبهة ( قوله : وخيار الشرط لأحدهما ) بأن شرط الخيار لأحدهما واستمرار مدة في المجلس ( قوله : فيكون لذلك الأحد ) أي فقط دون من لم يشترط له مع مشاركته لمن شرط له في خيار المجلس .

                                                                                                                            ( قوله : وإن حرم من حيث عدم إلخ ) ولا حد عليه لذلك لأنه ليس زنا ( قوله : قوله تعالى إلخ ) أي حيث غيا فيها عدم الحل بنكاح زوج [ ص: 21 ] آخر المفيد حصوله بمجرد النكاح مع أنه يتوقف على طلاق الآخر وانقضاء عدتها منه ونكاح الأول ( قوله : فإنه لا يلزمه ) أي الاستبراء ( قوله : كان الخيار له ) أي الزوج ( قوله : من حل الوطء في الأولى ) وهو ما إذا كان الخيار له ( قوله : قال الروياني ) مزيد ( قوله وهو طريقة ضعيفة ) أي والمعتمد عدم وجوب الاستبراء مطلقا في الزوجة ( قوله : ولو اشترى مطلقته ثم راجعها ) ولو اشترى زوجته بشرط الخيار ثم طلقها قبل اللزوم فينبغي أن يقال : إن كان الخيار للبائع وقع الطلاق لبقاء الزوجية أو للمشتري لم يقع لانفساخ العقد بدخولها في ملكه أو لهما وقف ، فإن تم العقد للمشتري بان عدم وقوعه أو فسخ بان وقوعه لأنه بذلك يتبين أنها لم تخرج عن ملك البائع فالزوجية باقية ، ثم ما تقدم من عدم الوقوع إن كان الخيار للمشتري لدخولها في ملكه ظاهر ، لكن مقتضى قول الشارح بعدم انفساخ النكاح فيما لو اشترى زوجته بشرط الخيار له وقوع الطلاق ( قوله : لم تصح الرجعة ) أي لدخولها في ملكه قبل الرجعة ( قوله إن قلنا الملك للبائع ) بأن كان الخيار له ( قوله : عدم صحتها ) أي الرجعة ( قوله : يطالبان ) أي البائع والمشتري ( قوله : من بان عدم ملكه ) حيث أنفق بإذن صاحبه أخذا من قوله الآتي ، وكذا لو أنفق ناويا إلخ ( قوله : وقد يتوقف فيه إلخ ) معتمد ( قوله : لوجود تراضيهما ) أي فلا يشترط إذن الحاكم ( قوله : وأشهد عليها ) أي النفقة ( قوله : وفقد الحاكم ) أي في مساقة العدوى ( قوله : ويحرم وطؤها حينئذ ) أي في حالة الوقف .

                                                                                                                            ( قوله : ولو بإذن البائع ) لكن حيث أذن له فينبغي أن لا مهر لأن وطء المشتري بإذن البائع إجازة فلم يحصل الوطء إلا في ملك نفسه ( قوله : إنه يحل له ) أي المشتري ( قوله : والمنقول خلافه ) معتمد وهو أن الإذن إنما يكون إجازة إذا [ ص: 22 ] انضم له الوطء ( قوله : وقد يوجه ) أي قول الإسنوي .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            ( قوله : وينبني على ذلك ) أي : الحكم بالملك لأحدهما فيما إذا كان الخيار له أو الحكم له بالوقف إذا كان لهما ( قوله : ما لم يأذن له البائع إلخ ) أي : فإن أذن له فلا مهر ويكون الإذن مع الوطء إجازة ( قوله : ولو اجتمع خيار المجلس لهما وخيار الشرط لأحدهما ) أي وكان للآخر خيار المجلس فقط بقرينة ما بعده : وظاهر أن عكسه لا يتأتى ( قوله : لأنه أقصر غالبا ) أي وكل ما كان كذلك فهو أولى بعقد البيع الذي مداره على اللزوم مما هو أطول ( قوله : ونظيره قوله تعالى { فإن طلقها فلا تحل له من بعد } الآية ) أي : فإنه وقف الحل على نكاح الآخر فقط مع أنه لا بد من طلاقه أيضا وانقضاء عدته ، [ ص: 21 ] فالمراد الحل من حيث التحليل ( قوله : إذ لا يدري أيطأ بالملك ) أي وهو ضعيف لا يبيح الوطء . ( قوله : وزاد في المجموع على منع حل الوطء ) أي : فيما إذا كان الخيار للمشتري فقط بناء على ما ذهب إليه الجمع المذكورون فتأمل وراجع . ( قوله : وهي طريقة ضعيفة ) أي : ما قاله الروياني فالراجح عدم وجوب الاستبراء فيما إذا كان الخيار للمشتري وإن قلنا بحرمة الوطء فراجع ( قوله : وفي حالة الوقف ) أي : في أصل المسألة في المتن . ( قوله : وكذا لو أنفق عليها ناويا الرجوع ) الظاهر أنه معطوف على قوله ثم يرجع من بان عدم مالكه




                                                                                                                            الخدمات العلمية