الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
فصل

قال صاحب " المنازل " رحمه الله :

الإيثار : تخصيص واختيار . والأثرة : تحسن طوعا . وتصح كرها .

فرق الشيخ بين الإيثار والأثرة وجعل الإيثار اختيارا والأثرة منقسمة إلى اختيارية ، واضطرارية . وبالفرق بينهما يعلم معنى كلامه . فإن الإيثار هو البذل ، وتخصيصك لمن تؤثره على نفسك ، وهذا لا يكون إلا اختيارا .

[ ص: 283 ] وأما الأثرة فهي استئثار صاحب الشيء به عليك ، وحوزه لنفسه دونك . فهذه لا يحمد عليها المستأثر عليه . إلا إذا كانت طوعا . مثل أن يقدر على منازعته ومجاذبته ، فلا يفعل . ويدعه وأثرته طوعا . فهذا حسن ، وإن لم يقدر على ذلك كانت أثرة كره .

ويعني بالصحة : الوجود ، أي توجد كرها . ولكن إنما تحسن إذا كانت طوعا من المستأثر عليه .

فحقيقة الإيثار بذل صاحبه وإعطاؤه . والأثرة استبداله هو بالمؤثر به . فيتركه وما استبدل به : إما طوعا ، وإما كرها . فكأنك آثرته باستئثاره حيث خليت بينه وبينه ، ولم تنازعه .

قال عبادة بن الصامت رضي الله عنه : بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة ، في عسرنا ، ويسرنا ، ومنشطنا ، ومكرهنا ، وأثرة علينا ، وأن لا ننازع الأمر أهله . فالسمع والطاعة في العسر واليسر ، والمنشط والمكره : لهم معه ومع الأئمة بعده ، والأثرة : عدم منازعة الأمر مع الأئمة بعده خاصة ، فإنه صلى الله عليه وسلم لم يستأثر عليهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية