nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=19nindex.php?page=treesubj&link=29013_29703_32413الله لطيف بعباده يرزق من يشاء وهو القوي العزيز
هذه الجملة توطئة لجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=20من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه لأن ما سيذكر في الجملة الآتية هو أثر من آثار لطف الله بعباده ورفقه بهم وما يسر من الرزق للمؤمنين منهم والكفار في الدنيا ، ثم ما خص به المؤمنين من رزق الآخرة ، فالجملة مستأنفة استئنافا ابتدائيا مقدمة لاستئناف الجملة الموطأ لها ، وهي جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=20من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه الآية .
وموقع جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=20من كان يريد حرث الآخرة إلخ فسنبينه .
واللطيف : البر القوي البر . ويدخل في هذا كثير من النعم . فسر عدد من المفسرين ( اللطيف ) بواهب بعضها وإنما هو تفسير تمثيل لا يخص دلالة الوصف به . وفعل لطف من باب نصر يتعدى بالباء كما هنا وباللام كما في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=100إن ربي لطيف لما يشاء كما تقدم في سورة يوسف . وتقدم تحقيق معنى اسمه تعالى اللطيف .
[ ص: 72 ] و ( عباده ) عام لجميع العباد ، وهم نوع الإنسان لأنه جمع مضاف .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=19يرزق من يشاء في موضع الحال من اسم الجلالة ، أو في موضع خبر عنه .
والرزق : إعطاء ما ينفع . وهو عندنا لا يختص بالحلال وعند
المعتزلة يختص به والخلاف اصطلاح .
والظاهر : أن المراد هنا رزق الدنيا لأن الكلام توطئة لقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=20من كان يريد حرث الآخرة .
والمشيئة : مشيئة تقدير الرزق لكل أحد من العباد ليكون عموم اللطف للعباد باقيا ، فلا يكون قوله ( من يشاء ) في معنى التكرير ، إذ يصير هكذا : يرزق من يشاء من عباده الملطوف بجميعهم ، وما الرزق إلا من اللطف ، فيصير بعض المعنى المفاد ، فلا جرم تعين أن المشيئة هنا مصروفة لمشيئة تقدير الرزق بمقاديره .
والمعنى : أنه للطفه بجميع عباده لا يترك أحدا منهم بلا رزق وأنه فضل بعضهم على بعض في الرزق جريا على مشيئته .
وهذا المعنى يثير مسألة الخلاف بين أئمة أصول الدين في نعمة الكافر ، ومن فروعها
nindex.php?page=treesubj&link=30550_32413رزق الكافر . وعن الشيخ
nindex.php?page=showalam&ids=13711أبي الحسن الأشعري أن الكافر غير منعم عليه نعمة دنيوية لأن ملاذ الكافر استدراج لما كانت مفضية إلى العذاب في الآخرة فكانت غير نعمة ، ومرادهم بالدنيوية مقابل الدينية . وكأن مراد الشيخ بهذا تحقيق معنى غضب الله على الكافرين كما جاء في آيات كثيرة ، فمراده : أن الكافر غير منعم عليه نعمة رضا وكرامة ولكنها نعمة رحمة لما له من انتساب المخلوقية لله تعالى .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12604أبو بكر الباقلاني : الكافر منعم عليه نعمة دنيوية . وقالت
المعتزلة : وهو منعم عليه نعمة دنيوية ودينية : فالدنيوية ظاهرة ، والدينية كالقدرة على النظر المؤدي إلى معرفة الله .
وهذه مسألة أرجع المحققون الخلاف فيها إلى اللفظ والبناء على المصطلحات
[ ص: 73 ] والاعتبارات الموافقة لدقائق المذاهب ، إذ لا ينازع أحد في نعمة المنعمين منهم وقد قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=11وذرني والمكذبين أولي النعمة .
وعطف
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=19وهو القوي العزيز على صفة لطيف أو على جملة
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=19يرزق من يشاء وهو تمجيد لله تعالى بهاتين الصفتين ، ويفيد الاحتراس من توهم أن لطفه عن عجز أو مصانعة ، فإنه قوي عزيز لا يعجز ولا يصانع ، أو عن توهم أن رزقه لمن يشاء عن شح أو قلة فإنه القوي ، والقوي تنتفي عنه أسباب الشح ، والعزيز ينتفي عنه سبب الفقر فرزقه لمن يشاء بما يشاء منوط لحكمة علمها في أحوال خلقه عامة وخاصة ، قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=27ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما يشاء الآية .
والإخبار عن اسم الجلالة بالمسند المعرف باللام يفيد معنى قصر القوة والعزة عليه تعالى ، وهو قصر الجنس للمبالغة لكماله فيه تعالى حتى كأن قوة غيره وعزة غيره عدم .
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=19nindex.php?page=treesubj&link=29013_29703_32413اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهْوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ
هَذِهِ الْجُمْلَةُ تَوْطِئَةٌ لِجُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=20مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ لِأَنَّ مَا سَيُذْكَرُ فِي الْجُمْلَةِ الْآتِيَةِ هُوَ أَثَرٌ مِنْ آثَارِ لُطْفِ اللَّهِ بِعِبَادِهِ وَرِفْقِهِ بِهِمْ وَمَا يَسَّرَ مِنَ الرِّزْقِ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنْهُمْ وَالْكُفَّارِ فِي الدُّنْيَا ، ثُمَّ مَا خَصَّ بِهِ الْمُؤْمِنِينَ مِنْ رِزْقِ الْآخِرَةِ ، فَالْجُمْلَةُ مُسْتَأْنَفَةٌ اسْتِئْنَافًا ابْتِدَائِيًّا مُقَدَّمَةٌ لِاسْتِئْنَافِ الْجُمْلَةِ الْمُوَطَّأِ لَهَا ، وَهِيَ جُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=20مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ الْآيَةَ .
وَمَوْقِعُ جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=20مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ إِلَخْ فَسَنُبَيِّنُهُ .
وَاللَّطِيفُ : الْبَرُّ الْقَوِيُّ الْبِرُّ . وَيَدْخُلُ فِي هَذَا كَثِيرٌ مِنَ النِّعَمِ . فَسَّرَ عَدَدٌ مِنَ الْمُفَسِّرِينَ ( اللَّطِيفَ ) بِوَاهِبِ بَعْضِهَا وَإِنَّمَا هُوَ تَفْسِيرُ تَمْثِيلٍ لَا يَخُصُّ دَلَالَةَ الْوَصْفِ بِهِ . وَفِعْلُ لَطَفَ مِنْ بَابِ نَصَرَ يَتَعَدَّى بِالْبَاءِ كَمَا هُنَا وَبِاللَّامِ كَمَا فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=12&ayano=100إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ كَمَا تَقَدَّمَ فِي سُورَةِ يُوسُفَ . وَتَقَدَّمَ تَحْقِيقُ مَعْنَى اسْمِهِ تَعَالَى اللَّطِيفِ .
[ ص: 72 ] وَ ( عِبَادِهِ ) عَامٌّ لِجَمِيعِ الْعِبَادِ ، وَهُمْ نَوْعُ الْإِنْسَانِ لِأَنَّهُ جَمْعٌ مُضَافٌ .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=19يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ فِي مَوْضِعِ الْحَالِ مِنِ اسْمِ الْجَلَالَةِ ، أَوْ فِي مَوْضِعِ خَبَرٍ عَنْهُ .
وَالرِّزْقُ : إِعْطَاءُ مَا يَنْفَعُ . وَهُوَ عِنْدَنَا لَا يَخْتَصُّ بِالْحَلَالِ وَعِنْدَ
الْمُعْتَزِلَةِ يَخْتَصُّ بِهِ وَالْخِلَافُ اصْطِلَاحٌ .
وَالظَّاهِرُ : أَنَّ الْمُرَادَ هَنَا رِزْقُ الدُّنْيَا لِأَنَّ الْكَلَامَ تَوْطِئَةٌ لِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=20مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ .
وَالْمَشِيئَةُ : مَشِيئَةُ تَقْدِيرِ الرِّزْقِ لِكُلِّ أَحَدٍ مِنَ الْعِبَادِ لِيَكُونَ عُمُومُ اللُّطْفِ لِلْعِبَادِ بَاقِيًا ، فَلَا يَكُونُ قَوْلُهُ ( مَنْ يَشَاءُ ) فِي مَعْنَى التَّكْرِيرِ ، إِذْ يَصِيرُ هَكَذَا : يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ الْمَلْطُوفِ بِجَمِيعِهِمْ ، وَمَا الرِّزْقُ إِلَّا مِنَ اللُّطْفِ ، فَيَصِيرُ بَعْضَ الْمَعْنَى الْمُفَادِ ، فَلَا جَرَمَ تَعَيَّنَ أَنَّ الْمَشِيئَةَ هُنَا مَصْرُوفَةٌ لِمَشِيئَةِ تَقْدِيرِ الرِّزْقِ بِمَقَادِيرِهِ .
وَالْمَعْنَى : أَنَّهُ لِلُطْفِهِ بِجَمِيعِ عِبَادِهِ لَا يَتْرُكُ أَحَدًا مِنْهُمْ بِلَا رِزْقٍ وَأَنَّهُ فَضَّلَ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ جَرْيًا عَلَى مَشِيئَتِهِ .
وَهَذَا الْمَعْنَى يُثِيرُ مَسْأَلَةَ الْخِلَافِ بَيْنَ أَئِمَّةِ أُصُولِ الدِّينِ فِي نِعْمَةِ الْكَافِرِ ، وَمِنْ فُرُوعِهَا
nindex.php?page=treesubj&link=30550_32413رِزْقُ الْكَافِرِ . وَعَنِ الشَّيْخِ
nindex.php?page=showalam&ids=13711أَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ أَنَّ الْكَافِرَ غَيْرُ مُنْعَمٍ عَلَيْهِ نِعْمَةً دُنْيَوِيَّةً لِأَنَّ مَلَاذَ الْكَافِرِ اسْتِدْرَاجٌ لَمَّا كَانَتْ مُفْضِيَةً إِلَى الْعَذَابِ فِي الْآخِرَةِ فَكَانَتْ غَيْرَ نِعْمَةٍ ، وَمُرَادُهُمْ بِالدُّنْيَوِيَّةِ مُقَابِلُ الدِّينِيَّةِ . وَكَأَنَّ مُرَادَ الشَّيْخِ بِهَذَا تَحْقِيقُ مَعْنَى غَضَبِ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ كَمَا جَاءَ فِي آيَاتٍ كَثِيرَةٍ ، فَمُرَادُهُ : أَنَّ الْكَافِرَ غَيْرُ مُنْعَمٍ عَلَيْهِ نِعْمَةَ رِضًا وَكَرَامَةً وَلَكِنَّهَا نِعْمَةُ رَحْمَةٍ لِمَا لَهُ مِنِ انْتِسَابِ الْمَخْلُوقِيَّةِ لِلَّهِ تَعَالَى .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12604أَبُو بَكْرٍ الْبَاقِلَّانِيُّ : الْكَافِرُ مُنْعَمٌ عَلَيْهِ نِعْمَةً دُنْيَوِيَّةً . وَقَالَتِ
الْمُعْتَزِلَةُ : وَهُوَ مُنْعَمٌ عَلَيْهِ نِعْمَةً دُنْيَوِيَّةً وَدِينِيَّةً : فَالدُّنْيَوِيَّةُ ظَاهِرَةٌ ، وَالدِّينِيَّةُ كَالْقُدْرَةِ عَلَى النَّظَرِ الْمُؤَدِّي إِلَى مَعْرِفَةِ اللَّهِ .
وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ أَرْجَعَ الْمُحَقِّقُونَ الْخِلَافَ فِيهَا إِلَى اللَّفْظِ وَالْبِنَاءِ عَلَى الْمُصْطَلَحَاتِ
[ ص: 73 ] وَالِاعْتِبَارَاتِ الْمُوَافِقَةِ لِدَقَائِقِ الْمَذَاهِبِ ، إِذْ لَا يُنَازِعُ أَحَدٌ فِي نِعْمَةِ الْمُنَعَّمِينَ مِنْهُمْ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=11وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ .
وَعَطْفُ
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=19وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ عَلَى صِفَةِ لَطِيفٍ أَوْ عَلَى جُمْلَةِ
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=19يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ تَمْجِيدٌ لِلَّهِ تَعَالَى بِهَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ ، وَيُفِيدُ الِاحْتِرَاسَ مِنْ تَوَهُّمِ أَنَّ لُطْفَهُ عَنْ عَجْزٍ أَوْ مُصَانَعَةٍ ، فَإِنَّهُ قَوِيٌّ عَزِيزٌ لَا يَعْجِزُ وَلَا يُصَانِعُ ، أَوْ عَنْ تَوَهُّمِ أَنَّ رِزْقَهُ لِمَنْ يَشَاءُ عَنْ شُحٍّ أَوْ قِلَّةٍ فَإِنَّهُ الْقَوِيُّ ، وَالْقَوِيُّ تَنْتَفِي عَنْهُ أَسْبَابُ الشُّحِّ ، وَالْعَزِيزُ يَنْتَفِي عَنْهُ سَبَبُ الْفَقْرِ فَرِزْقُهُ لِمَنْ يَشَاءُ بِمَا يَشَاءُ مَنُوطٌ لِحِكْمَةٍ عَلِمَهَا فِي أَحْوَالِ خَلْقِهِ عَامَّةً وَخَاصَّةً ، قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=27وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ الْآيَةَ .
وَالْإِخْبَارُ عَنِ اسْمِ الْجَلَالَةِ بِالْمُسْنَدِ الْمُعَرَّفِ بِاللَّامِ يُفِيدُ مَعْنَى قَصْرِ الْقُوَّةِ وَالْعِزَّةِ عَلَيْهِ تَعَالَى ، وَهُوَ قَصْرُ الْجِنْسِ لِلْمُبَالَغَةِ لِكَمَالِهِ فِيهِ تَعَالَى حَتَّى كَأَنَّ قُوَّةَ غَيْرِهِ وَعِزَّةَ غَيْرِهِ عَدَمٌ .