الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوم نوح من قبل [46]

                                                                                                                                                                                                                                        قراءة أهل المدينة وعاصم ، وقرأ أبو عمرو والأعمش وحمزة والكسائي ( وقوم نوح ) بالخفض معطوفا على وفي ثمود ، والمعنى في الخفض وفي قوم نوح آية وعبرة . والنصب من غير جهة فللفراء فيه قولان ، وبعدهما ثالث عنه أيضا وهما أن يكون التقدير فأخذتهم الصاعقة وأخذت قوم نوح ، والتقدير الثاني أن يكون التقدير وأهلكنا قوم نوح ، والثالث الذي بعدهما أن يكون التقدير واذكروا قوم نوح . قال أبو جعفر : ورأيت أبا إسحاق قد أخرج قوله هذا الثالث وفيه من كلامه ، وليس هذا بأبغض إلي من الجوابين ، وهو يتعجب من هذا ويقول : دل بهذا الكلام على أن الأجوبة الثلاثة بغيضة إليه . قال : وفي هذه الآية قول رابع حسن يكون وقوم نوح معطوفا على ( فأخذناه وجنوده فنبذناهم في اليم ) لأن معناه فأغرقناهم وأغرقنا قوم نوح . فأما القراءة بالنصب فهي البينة عند النحويين سوى من ذكرنا ممن قرأ بغيرها ، فاحتج أبو عبيد للنصب بأن قبله فيما كان مخفوضا من القصص [ ص: 249 ] كلها بيان ما نزل بهم نحو ( وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم ) وليس هذا في قوم نوح فدل هذا على أنه ليس معطوفا على الخفض لأنه مخالف له . قال : فكيف يكون وفي قوم نوح ولا يذكر ما نزل بهم ، وقال غيره : أيضا العرب إذا تباعد ما بين المخفوض وما بعده لم يعطفوه عليه ونصبوه قال الله جل وعز : ( وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة ) ولا نعلم أحدا خفض ، وقال جل وعز ( فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب ) فرفع أكثر القراء ولم يعطفوه على ما قبله وحجة ثالثة ذكرها سيبويه وهو أن المعطوف إلى ما هو أقرب إليه أولى وحكى : خشنت بصدره وصدر زيد ، وأن الخفض أولى لقربه فكذا هذا فأخذتهم الصاعقة وأخذت قوم نوح أقرب من أن ترده إلى ثمود ( إنهم كانوا قوما فاسقين ) نعت لقوم أي خارجين عن الطاعة .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية