الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              معلومات الكتاب

                                                                                                                              السراج الوهاج من كشف مطالب صحيح مسلم بن الحجاج

                                                                                                                              صديق خان - محمد صديق حسن خان القنوجي الظاهري

                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4468 [ ص: 379 ] باب في فضائل عائشة أم المؤمنين ، رضي الله عنها، زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم

                                                                                                                              وقال النووي : (باب فضائل عائشة ، أم المؤمنين : رضي الله عنها) .

                                                                                                                              قلت : وهي الصديقة ، بنت الصديق . القرشية ، التيمية . أمها : "أم رومان" ابنة عامر بن عويمر . وكنيتها : "أم عبد الله" بابن أختها: عبد الله بن الزبير . ولدت في الإسلام ، قبل الهجرة : بثمان سنين ، أو نحوها . مات النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، ولها : نحو "ثمانية عشر" عاما . وقد حفظت عنه شيئا كثيرا ، حتى قيل : إن ربع الأحكام الشرعية منقول عنها .

                                                                                                                              قال عطاء بن أبي رباح : كانت عائشة أفقه الناس ، وأعلم الناس ، وأحسن الناس رأيا في العامة .

                                                                                                                              وقال عروة بن الزبير : ما رأيت أحدا أعلم بفقه ، ولا بطب ، ولا بشعر : من عائشة .

                                                                                                                              وقال الزهري : لو جمع علم " عائشة " إلى علم جميع أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وعلم جميع النساء : لكان علم عائشة أفضل.

                                                                                                                              ومن خصائصها : أنها كانت أحب أزواج النبي صلى الله عليه وآله [ ص: 380 ] وسلم إليه . وبرأها الله مما رمى به أهل الإفك ، وأنزل الله "عز وجل" في عذرها وبراءتها وحيا يتلى في محاريب المسلمين ، إلى يوم الدين . والحمد لله رب العالمين.

                                                                                                                              توفيت سنة "ثمان وخمسين" من الهجرة ، في خلافة "معاوية" . وقد قاربت : "السبعين" . وذلك ليلة الثلاثاء ، لسبع عشرة خلت من رمضان . وصلى عليها : "أبو هريرة رضي الله عنه ، وعنها ، وعني معهما .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي ، ص 202 ج 15، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن عائشة ، أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أريتك في المنام: ثلاث ليال، جاءني بك: الملك في سرقة من حرير فيقول: "هذه امرأتك" فأكشف عن وجهك، فإذا أنت هي فأقول: إن يك هذا من عند الله يمضه ) .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن عائشة ) رضي الله عنها : (أنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : أريتك في المنام ، ثلاث ليال ؛ جاءني بك الملك في سرقة من حرير) بفتح السين . هي : الشقق البيض من [ ص: 381 ] الحرير . قاله أبو عبيدة ، وغيره ، (يقول: هذه امرأتك . فأكشف عن وجهك ، فإذا أنت هي . فأقول : إن يك هذا من عند الله : يمضه) .

                                                                                                                              قال عياض : إن كانت هذه الرؤيا قبل النبوة ، وقبل تخليص أحلامه صلى الله عليه وآله وسلم من الأضغاث ؛ فمعناها : "إن كانت رؤيا حق" .

                                                                                                                              وإن كانت بعد النبوة : فلها ثلاثة معان ؛

                                                                                                                              أحدها : أن المراد : إن تكن الرؤيا على وجهها وظاهرها ، لا تحتاج إلى تعبير وتفسير: فسيمضيه الله وينجزه . فالشك عائد إلى أنها : رؤيا على ظاهرها ، أم تحتاج إلى تعبير ، وصرف عن ظاهرها.

                                                                                                                              الثاني : أن المراد : إن كانت هذه الزوجة في الدنيا : يمضها الله .

                                                                                                                              فالشك : أنها زوجته في الدنيا ، أم في الجنة .

                                                                                                                              الثالث : أنه لم يشك ، ولكن أخبر على التحقيق . وأتى بصورة الشك كما قال : "أأنت أم أم سالم ؟" وهو نوع من البديع ، عند أهل البلاغة ، يسمونه : تجاهل العارف. وسماه بعضهم مزج الشك باليقين . انتهى .

                                                                                                                              ومفهوم الحديث : أن الله تعالى : اختار " عائشة " أن تكون زوجة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم . وهذه فضيلة ، وأي فضيلة .




                                                                                                                              الخدمات العلمية