الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        قوله : يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ؛ الأصل: "لما"؛ فحذفت الألف لأن ما واللام كالشيء الواحد؛ فكثر استعمال "ما"؛ واللام في الاستفهام؛ فإذا وقفت عليها قلت: "لمه"؛ ولا يوقف عليها في القرآن بها؛ لئلا يخالف المصحف؛ وينبغي للقارئ أن يصلها؛ وهذا قيل لهم لأنهم قالوا: لو علمنا ما أحب الأعمال إلى الله - عز وجل - لأصبناه؛ ولو كان فيه ذهاب أنفسنا؛ وأموالنا؛ فأنزل الله - عز وجل -: هل أدلكم على تجارة تنجيكم من عذاب أليم ؛ إلى قوله: وتجاهدون في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ذلكم خير لكم ؛ فلما كان يوم "أحد"؛ تولى من تولى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى كسرت رباعيته؛ وشج في وجهه؛ أنزل الله - عز وجل -: يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ؛ "أن تقولوا"؛ في موضع رفع؛ و " مقتا " ؛ نصب على التمييز؛ المعنى: "كبر قولكم ما لا تفعلون مقتا عند الله"؛ ثم أعلم الله - عز وجل - ما الذي يحبه؛ فقال: [ ص: 164 ] إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ؛ أي: "بنيان لاصق بعضه ببعض؛ لا يغادر بعضه بعضا؛ فأعلم الله - عز وجل - أنه يحب من يثبت في الجهاد في سبيله؛ ويلزم مكانه كبيوت البناء المرصوص؛ ويجوز - والله أعلم - أن يكون عنى أن تستوي نياتهم في حرب عدوهم؛ حتى يكونوا في اجتماع الكلمة؛ وموالاة بعضهم بعضا؛ كالبنيان المرصوص.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية