الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                      في الصلاة بعرفة قال : وقال مالك : لا يجهر الإمام بالقراءة بعرفة في الظهر ولا في العصر ، ولا يصلي الظهر أربعا ولا العصر أربعا ويصليهما ركعتين ركعتين قال : وقال مالك : ويتم أهل عرفة وأهل منى بمنى ، ومن لم يكن من أهل عرفة فليقصر الصلاة بعرفة ، ومن لم يكن من أهل منى فليقصر الصلاة بمنى . قلت : أرأيت إن كان الإمام من أهل عرفة ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لم أسمع من مالك فيه شيئا ، قال : ولا أحب أن يكون الإمام من أهل عرفة فإن كان من أهل عرفة أتم الصلاة بعرفة . قال : وقال مالك : أذان المؤذن يوم عرفة إذا خطب الإمام وفرغ من خطبته وقعد على المنبر فأذن المؤذن ، فإذا فرغ من أذانه أقام فإذا أقام نزل الإمام فصلى بالناس ، فإذا صلى بالناس أذن أيضا للعصر وأقام ثم صلى العصر أيضا .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك في الإمام يخطب بعرفة : أنه يقطع التلبية إذا راح ولا يلبي إذا خطب ، ويكبر بين ظهراني خطبته .

                                                                                                                                                                                      قال : وأما الناس فيقطعون إذا راحوا إلى الصلاة أيضا . قال : والإمام يوم الفطر يكبر بين ظهراني خطبته ، قال : ولم يوقت لنا مالك في ذلك وقتا .

                                                                                                                                                                                      قال : وقال مالك : كل صلاة فيها خطبة يجهر فيها الإمام بالقراءة .

                                                                                                                                                                                      قلت لابن القاسم : فعرفة فيها خطبة ولا يجهر فيها الإمام بالقراءة ؟

                                                                                                                                                                                      قال : خطبته تعليم للناس . قال : وأما الاستسقاء فيجهر فيها بالقراءة ; لأن فيها خطبة وأما الخسوف فلا يجهر فيها ; لأنه لا خطبة فيها وهو قول مالك .

                                                                                                                                                                                      قلت لابن القاسم : أليس عرفة خطبة فيها والإمام لا يجهر فيها بالقراءة ؟

                                                                                                                                                                                      قال : لأن [ ص: 250 ] خطبة عرفة إنما هي تعليم للحاج وليس هي للصلاة .

                                                                                                                                                                                      قال مالك عن هشام بن عروة عن أبيه : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الصلاة بمنى ركعتين ، وكان أبو بكر يصليها ركعتين وأن عمر بن الخطاب صلاها بمنى ركعتين } .

                                                                                                                                                                                      قال : وأخبرني مالك عن نافع عن ابن عمر : أنه كان حين يكون بمكة يتم فإذا خرج إلى منى وعرفة قصر الصلاة .

                                                                                                                                                                                      قال ابن وهب عن حنظلة بن أبي سفيان الجمحي قال : سألت القاسم وسالما وطاوسا فقلت : أأتم الصلاة بمنى وعرفة ؟ فقالوا لي : صل بصلاة الإمام ركعتين ، قال فقلت للقاسم : إني من أهل مكة ، فقال لي : قد عرفتك . قال ابن وهب وقال ربيعة : يقصر الصلاة ; لأنه بمنزل سفر وهي صلاة إمامهم .

                                                                                                                                                                                      قال سحنون عن أنس بن عياض عن جعفر بن محمد عن أبيه : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر بعرفة ولم يسبح بينهما ، وصلى المغرب والعشاء فجمع ولم يسبح بينهما ، } وأن أبا بكر وعمر وعثمان وابن عمر جمعوا بين المغرب والعشاء بالمزدلفة ، وقد صلى عمر بن الخطاب بأهل مكة فقصر الصلاة ، ثم قال لأهل مكة : أتموا صلاتكم فإنا قوم سفر ، قال : ولم يفعل ذلك بمنى ولا بعرفة .

                                                                                                                                                                                      قال وكيع عن ابن أبي ليلى عن عبد الكريم البصري عن ابن جدعان : { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بمكة ركعتين ثم قال : إنا قوم سفر فأتموا الصلاة . ولم يقل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى ولا بعرفة } قال : وأخبرني وكيع عن إبراهيم بن يزيد عن عون بن عبد الله بن عتبة عن ابن مسعود قال : ليس على المسلمين جمعة في سفرهم ولا يوم نفرهم .

                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية