الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4476 (باب منه)

                                                                                                                              وذكره النووي ، في (الباب الماضي) .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ، ص 209 ج 15، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن ابن شهاب، أخبرني سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير في رجال من أهل العلم-: أن عائشة "زوج النبي، صلى الله عليه وسلم" قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول -وهو صحيح- "إنه لم يقبض نبي قط، حتى يرى مقعده في الجنة، ثم يخير" .

                                                                                                                              قالت عائشة : فلما نزل برسول الله، صلى الله عليه وسلم ورأسه على فخذي- غشي عليه ساعة، ثم أفاق، فأشخص بصره إلى السقف، ثم قال: "اللهم! الرفيق الأعلى" .

                                                                                                                              [ ص: 397 ] قالت عائشة : قلت إذا لا يختارنا.

                                                                                                                              قالت عائشة : وعرفت الحديث، الذي كان يحدثنا به وهو صحيح، في قوله: "إنه لم يقبض نبي قط، حتى يرى مقعده من الجنة، ثم يخير"

                                                                                                                              قالت عائشة : فكانت تلك آخر كلمة، تكلم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم: قوله "اللهم! الرفيق الأعلى"
                                                                                                                              ") .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن عائشة ، رضي الله عنها ؛ قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ؛ يقول - وهو صحيح - : "إنه لم يقبض نبي قط ، حتى يرى مقعده في الجنة ، ثم يخير" قالت عائشة : فلما نزل برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - ورأسه على فخذي - : غشي عليه ساعة ، ثم أفاق ، فشخص بصره إلى السقف) بفتح الخاء المعجمة، أي : رفعه إلى السماء ، ولم يطرف .

                                                                                                                              (ثم قال : "اللهم! الرفيق الأعلى" قالت عائشة : قلت : إذا لا يختارنا . قالت عائشة : وعرفت الحديث ، الذي كان يحدثنا به وهو صحيح ؛ في قوله : "إنه لم يقبض نبي قط ، حتى يرى مقعده من الجنة ، ثم يخير")

                                                                                                                              وفي رواية أخرى : (قال : كنت أسمع : أنه لن يموت نبي ، حتى [ ص: 398 ] يخير بين الدنيا والآخرة . قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ، - في مرضه الذي مات فيه ، وأخذه بحة .. يقول : مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا فظنته خير حينئذ. رواه مسلم.

                                                                                                                              "وبحة" بضم الباء ، وتشديد الحاء : هي "غلظ في الصوت" .

                                                                                                                              (قالت عائشة : فكانت تلك آخر كلمة ، تكلم بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : قوله : "اللهم ! الرفيق الأعلى") .

                                                                                                                              تقدم الكلام على معنى "الرفيق" وأقول هنا : اللهم ! ارزقنا التكلم بهذه الكلمة الفاضلة ، مع كلمة التوحيد والإخلاص ، عندما تقبضني إليك . وما ذلك بعزيز عليك . فإنك على ما تشاء قدير ، وبالإجابة جدير .

                                                                                                                              وفي هذا الحديث : أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم : قبض في بيت عائشة ، ورأسه على فخذها . وهذه فضيلة ظاهرة لها "رضي الله عنها" ، وخصيصة كاملة ، لم يشاركها فيها غيرها : من الأزواج المطهرات . وقد دفن أيضا في "حجرة سكونتها" وتلك مزية أخرى .

                                                                                                                              وذلك فضل الله ، يؤتيه من يشاء .




                                                                                                                              الخدمات العلمية