الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى : ( يدعو لمن ضره أقرب من نفعه لبئس المولى ولبئس العشير ( 13 ) )

يقول تعالى ذكره : يدعو هذا المنقلب على وجهه من أن أصابته فتنة آلهة لضرها في الآخرة له أقرب وأسرع إليه من نفعها . وذكر أن ابن مسعود كان يقرؤه يدعو من ضره أقرب من نفعه .

واختلف أهل العربية في موضع " من " ، فكان بعض نحويي البصرة يقول : موضعه نصب ب " يدعو " ، ويقول : معناه : يدعو لآلهة ضرها أقرب من نفعها ، ويقول : هو شاذ لأنه لم يوجد في الكلام : يدعو لزيدا . وكان بعض نحويي الكوفة يقول : اللام من صلة " ما " بعد " من " ، كأن معنى الكلام عنده : يدعو من لضره أقرب من نفعه . وحكي عن العرب سماعا منها عندي لما غيره خير منه ، بمعنى : عندي ما لغيره خير منه ، وأعطيتك لما غيره خير منه ، بمعنى : ما لغيره خير منه . وقال : جائز في كل ما لم يتبين فيه الإعراب الاعتراض باللام دون الاسم .

وقال آخرون منهم : جائز أن يكون معنى ذلك : هو الضلال البعيد يدعو ، فيكون يدعو صلة الضلال البعيد ، وتضمر في يدعو الهاء ثم تستأنف الكلام باللام ، فتقول لمن ضره أقرب من نفعه : لبئس المولى ، كقولك في الكلام في مذهب الجزاء : لما فعلت لهو خير لك . فعلى هذا القول " من " في موضع رفع بالهاء في قوله ، ضره ، ، لأن من إذا كانت جزاء فإنما يعربها ما بعدها ، واللام الثانية في لبئس المولى جواب اللام الأولى ، وهذا القول الآخر على مذهب العربية أصح ، والأول إلى مذهب أهل التأويل أقرب .

وقوله ( لبئس المولى ) ، يقول : لبئس ابن العم هذا الذي يعبد الله على [ ص: 579 ] حرف .

( ولبئس العشير ) يقول : ولبئس الخليط المعاشر والصاحب : هو كما حدثني يونس قال : أخبرنا ابن وهب قال : قال ابن زيد في قوله ( ولبئس العشير ) قال : العشير : هو المعاشر الصاحب .

وقد قيل : عنى بالمولى في هذا الموضع الولي الناصر .

وكان مجاهد يقول : عنى بقوله ( لبئس المولى ولبئس العشير ) الوثن .

حدثني محمد بن عمرو قال : ثنا أبو عاصم قال : ثنا عيسى وحدثني الحارث قال : ثنا الحسن قال : ثنا ورقاء جميعا ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قول الله ( ولبئس العشير ) قال : الوثن .

التالي السابق


الخدمات العلمية