الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4030 ) مسألة ; قال : ( ومن كان غائبا ، وعلم بالبيع في وقت قدومه ، فله الشفعة ، وإن طالت غيبته ) . وجملة ذلك أن الغائب له شفعة . في قول أكثر أهل العلم . روي ذلك عن شريح ، والحسن ، وعطاء . وبه قال مالك ، والليث ، والثوري ، والأوزاعي ، والشافعي ، والعنبري ، وأصحاب الرأي .

                                                                                                                                            وروي عن النخعي : ليس للغائب شفعة وبه قال الحارث العكلي ، والبتي ، إلا للغائب القريب ; لأن إثبات الشفعة له يضر بالمشتري ، ويمنع من استقرار ملكه وتصرفه على حسب اختياره ، خوفا من أخذه ، فلم يثبت ذلك كثبوته للحاضر على التراخي .

                                                                                                                                            ولنا ، عموم { قوله عليه السلام : الشفعة فيما لم يقسم } . وسائر الأحاديث ، ولأن الشفعة حق مالي وجد سببه بالنسبة [ ص: 191 ] إلى الغائب ، فيثبت له ، كالإرث ، ولأنه شريك لم يعلم بالبيع ، فتثبت له الشفعة عند علمه ، كالحاضر إذا كتم عنه البيع ، والغائب غيبة قريبة ، وضرر المشتري يندفع بإيجاب القيمة له ، كما في الصور المذكورة .

                                                                                                                                            إذا ثبت هذا ، فإنه إذا لم يعلم بالبيع إلا وقت قدومه ، فله المطالبة وإن طالت غيبته ; لأن هذا الخيار يثبت لإزالة الضرر عن المال ، فتراخي الزمان قبل العلم به لا يسقطه ، كالرد بالعيب ، ومتى علم فحكمه في المطالبة حكم الحاضر ، في أنه إن طالب على الفور استحق ، وإلا بطلت شفعته ، وحكم المريض والمحبوس وسائر من لم يعلم البيع لعذر حكم الغائب ; لما ذكرنا .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية