الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فرع ) من المنافع شرعا حق الممر بأرض أو على سطح وجاز كما يأتي في الصلح [ ص: 240 ] تملكه بالعوض على التأبيد بلفظ البيع مع أنه محض منفعة إذ لا تملك به عين للحاجة إليه على التأبيد ولذا جاز ذلك بلفظ الإجارة أيضا دون ذكر مدة ولا يصح بيع بيت أو أرض بلا ممر بأن احتف من جميع الجوانب بملك البائع أو كان له ممر ونفاه أو بملك المشتري أو غيره لعدم الانتفاع به حالا ، وإن أمكن اتخاذ ممر له بعد ويفرق بينه وبين ما مر في الجحش الصغير بأن هذا صالح للانتفاع به حالا فلم يكتف فيه بالإمكان بخلاف ذاك وفارق ما ذكر أولا ما لو باع دارا واستثنى لنفسه بيتا منها فإن له الممر إليه إن لم يتصل البيت بملكه أو شارع فإن نفاه صح إن أمكن اتخاذ ممر ، وإلا فلا بأن هذه استدامة ملكه وتلك فيها نقل له ويغتفر في الاستدامة ما لا يغتفر في الابتداء ، وإذا بيع عقار وخصص المرور إليه بجانب اشترط تعيينه فلو احتف بملكه من كل الجوانب وشرط للمشتري حق المرور إليه من جانب لم يعينه بطل لاختلاف الغرض باختلاف الجوانب فإن لم يخصص بأن شرطه من كل جانب أو قال بحقوقها أو أطلق البيع ولم يتعرض للممر صح ومر إليه من كل جانب نعم في الأخيرة محله إن لم يلاصق الشارع [ ص: 241 ] أو ملك المشتري وإلا مر منه فقط وظاهر قولهم فإن له الممر إليه أنه لو كان له ممران تخير البائع ، وقضية كلام بعضهم تخير المشتري وله اتجاه فإن القصد مرور البائع لملكه ، وهو حاصل بكل منهما .

                                                                                                                              وظاهر أن محله إن استويا سعة ونحوها ، وإلا تعين ما لا ضرر فيه ويؤخذ من هذا ، وقولهم لاختلاف الغرض باختلاف الجوانب أن من له حق المرور في محل معين من ملك غيره لو أراد غيره نقله إلى محل آخر منه لم يجز إلا برضا المستحق ، وإن استوى الممران من سائر الوجوه ؛ لأن أخذه بدل مستحقه معاوضة وشرطها الرضا من الجانبين ثم رأيت بعضهم أفتى بذلك فيمن له مجرى في أرض آخر فأراد الآخر أن ينقله إلى محل آخر منها مساو للأول من كل وجه ولما نقل الغزي إفتاء الشيخ تاج الدين فيمن له طريق بملك غيره فأراد المالك نقلها لموضع لا يضر بالجوار ونظر فيه قال الأمر كما قال من النظر ثم استدل للنظر ولو اتسع الممر بزائد على حاجة المرور فهل للمالك تضييقه بالبناء فيه ؛ لأنه لا ضرر حالا على المار أولا لأنه قد يزدحم فيه مع من له المرور غيره من المالك أو مار آخر كل محتمل والذي يظهر الجواز إن علم أنه لا يحصل للمار تضرر بذلك التضييق ، وإن فرض الازدحام فيه ، وإلا فلا .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله : فلو احتف بملكه ) أي مع تأتي المرور إليه من ذلك الملك بخلاف ما تقدم في قوله بأن احتف من جميع الجوانب بملك البائع ( قوله : محله إن لم يلاصق إلخ ) فيه مع كون المقسم أنه احتف بملك البائع من جميع الجوانب [ ص: 241 ] مسامحة ( قوله : وإلا مر منه فقط ) لعل الفرض أن المرور متأت بالفعل من ملك المشتري إذ لا أثر لإمكان الاتخاذ أخذا من قوله السابق أو بملك المشتري إلى قوله ، وإن أمكن .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( قوله : تملكه إلخ ) فاعل جاز والضمير لحق المرور ( قوله : إذ لا تملك إلخ ) علة لقوله إنه محض منفعة والضمير المجرور لتملك حق الممر ( وقوله : للحاجة إلخ ) علة لقوله وجاز إلخ ( قوله : ولذا إلخ ) أي للحاجة إليه إلخ ( قوله : أيضا ) أي كلفظ البيع ( قوله : ولا يصح ) إلى قوله ، وإذا بيع عقار في المغني إلا قوله أو أرض ، وقوله ويفرق إلى وفارق ، وإلى المتن في النهاية إلا ما ذكر ( قوله : بيع بيت ) أي مسكن نهاية ومغني ( قوله : بأن احتف من جميع الجوانب بملك البائع ) أي ولم يتأت المرور إليه من ذلك الملك كما نبه عليه سم فيما يأتي وينبغي أن يقيد بذلك قوله الآتي أو بملك المشتري إلخ حتى يظهر التعليل بقوله لعدم الانتفاع به حالا ( قوله : أو كان له ممر إلخ ) كذا في أصله رحمه الله ، وقد يقال اللائق تأخيره عن قوله أو بملك المشتري فليتأمل . ا هـ . بصري ، وقد يقال نفي البائع الممر إنما يؤثر فيما إذا كان في ملكه فقط دون ملك غيره كما هو ظاهر والتأخير يوهم خلاف ذلك .

                                                                                                                              ( قوله : وإن أمكن إلخ ) غاية لقوله ولا يصح إلخ عبارة النهاية والمغني سواء أتمكن المشتري من اتخاذ ممر له من شارع أو ملكه أم لا كما قاله الأكثرون ، وإن شرط البغوي عدم تمكنه من ذلك . ا هـ . قال ع ش وطريقه في هذه أخذا مما يأتي فيمن أراد شراء ذراع من ثوب نفيس أن يحدث الممر هنا في ملك مريد الشراء أو في شارع بالتراضي منهما ثم يشتري منه بعد ذلك . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وبين ما مر في الجحش الصغير ) أي من أنه يصح بيعه مع عدم النفع به حالا ( قوله : بأن هذا ) أي بيع بيت بلا ممر ( وقوله : بالإمكان ) أي إمكان اتخاذ الممر ، وإحداثه ( وقوله : بخلاف ذلك ) أي الجحش الصغير وفي هذا الفرق ما لا يخفى على المتأمل ( قوله : وفارق ما ذكر أولا ) ، وهو قوله : ولا يصح بيع بيت أو أرض بلا ممر .

                                                                                                                              ( وقوله : ما لو باع إلخ ) مفعول فارق ( قوله : فإن له الممر إلخ ) عبارة النهاية والمغني ونفي الممر صح إن أمكنه اتخاذ ممر ، وإلا فلا ؛ لأنه يغتفر في الدوام ، وهو دوام الملك هنا ما لا يغتفر في الابتداء . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : إن لم يتصل البيت إلخ ) أي فإن اتصل بأحدهما فلا مرور له ، وهل يكتفى في الاتصال بمطلق التلاصق أو يشترط النفوذ بالفعل محل تأمل . ا هـ . بصري أقول الظاهر الثاني كما يأتي عن سم و ع ش والرشيدي ما يفيده ( قوله : فإن نفاه صح إن أمكن إلخ ) أي فإن نفاه في صورة ثبوت المرور له ، وهي حالة عدم الاتصال بملكه أو شارع ويظهر أن الموات كالشارع وذلك بأن يتصل بملك الغير أو وقف خاص أو عام كمسجد ورباط وحينئذ فالمراد بالإمكان الإمكان المقترن بالفعل بأن يحتف بملك ويرضى صاحب الملك ببيع حق الممر أو يكتفي بمطلق الإمكان ، وهل يكتفي بإمكان الاستئجار لتعذر البيع كالوقف أو لا ينبغي أن يراجع جميع ذلك ويحرر . ا هـ بصري أقول وبحمل إمكان اتخاذ الممر على إحداث منفذ إلى ملكه أو نحو شارع يندفع التوقف ، والتردد ولو سلم تصويره المذكور فالأقرب الاكتفاء بمطلق الإمكان الشامل للاستئجار ( قوله : وإذا بيع عقار إلخ ) عبارة العباب كغيره لو باع عقارا يحيط به ملكه جاز وممر المشتري من أي جهاته شاء ، وإن لم يقل بعته بحقوقه فإن شرطا له الممر من جهة معينة صح وتعينت أو غير معينة لم يصح إلى آخر المسألة فجعل أصل المقسم ما إذا أحاط ملك البائع به . ا هـ . رشيدي .

                                                                                                                              ( قوله : بجانب ) أي مثلا ( قوله : اشترط إلخ ) جواب إذا ( قوله : فلو احتف بملكه إلخ ) أي مع تأتي المرور إليه من ذلك الملك بخلاف ما تقدم في قوله بأن احتف من جميع الجوانب بملك البائع . ا هـ . سم ( قوله : من جانب ) أي أو جانبين مثلا ( قوله : بطل ) أي البيع ( قوله : في الأخيرة ) أي قوله : أو أطلق . ا هـ . ع ش ( قوله : محله إن لم يلاصق إلخ ) قال الشهاب سم فيه مع كون المقسم أنه احتف بملك البائع من جميع الجوانب مسامحة . ا هـ . ويمكن أن يقال لا يلزم من احتفافه به أن يكون مستغرقا لكل جانب منه فيكون المعنى أن للبائع في كل جانب ملكا ، وإن لم يستغرق الجانب . ا هـ . رشيدي ولا يخفى بعده ( قوله : إن لم يلاصق الشارع إلخ ) أي وله إليه ممر بالفعل ، وإلا [ ص: 241 ] فقد مر أنه لا يصح بيع مسكن بلا ممر . ا هـ . رشيدي ( قوله : وملك المشتري ) أي أو الموات ( قوله : والآمر منه فقط ) لعل الفرض أن المرور متأت بالفعل من ملك المشتري إذ لا أثر لإمكان الاتخاذ أخذا من قوله السابق أو بملك المشتري إلى قوله ، وإن أمكن . ا هـ . سم عبارة ع ش قوله : وإلا مر منه إلخ هذا قد يشكل على قوله قبل : لا يصح بيع مسكن بلا ممر ، وإن أمكنه إلخ إلا أن يفرق بأن ما هنا مفروض فيما إذا كان لها ممر بالفعل من ملكه أو شارع وما مر فيما لو احتاج إلى إحداث ممر . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وظاهر قولهم فإن له الممر ) أي في مسألة ما إذا باع دارا واستثنى له بيتا منها رشيدي وكردي عبارة ع ش هذا متصل بقوله السابق وفارق ما ذكر أولا ما لو باع دارا إلخ وحاصله أنه إذا باع دارا واستثنى لنفسه بيتا منها ولم يتعرض للممر لا إثباتا ولا نفيا ولها ممران تخير البائع أو المشتري على ما ذكره من الخلاف . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : وله اتجاه ) أي وجه والمعتمد الأول ( قوله : أن محله ) أي محل تخير البائع في مسألة الاستثناء السابقة ( قوله : ما لا ضرر فيه ) أي على المشتري . ا هـ . ع ش ( قوله : من هذا ) أي قوله ، وإلا تعين ما لا ضرر فيه ( قوله : لو أراد غيره نقله إلخ ) أي أو شراءه منه ا هـ ع ش ( قوله : غيره ) أي مالك ذلك المحل ( قوله : وإن استوى الممران إلخ ) أي وكان الثاني أحسن ( قوله : أفتى بذلك ) أي بأنه لا يجوز إلا برضا المستحق . ا هـ . كردي ( قوله : إفتاء الشيخ تاج الدين ) الأنسب أن يقال إن الشيخ تاج الدين أفتى إلخ ليلائم ونظر فيه أو يقال ونظر فيه أو يقال وتنظيره فيه ليلائم الإفتاء . ا هـ . بصري ، وأجاب بعضهم بما نصه أقول الواو في قوله ونظر للحال أي والحال أن الشيخ تاج الدين نظر فيه فلا إيهام فيه وكأنه توهم أن الواو عاطفة وليس كذلك . ا هـ .

                                                                                                                              ولا يخفى أنه لا يمنع أولوية ما قاله السيد البصري ( قوله : قال إلخ ) جواب لما والضمير المستتر للغزي ( وقوله : كما قال إلخ ) أي الشيخ تاج الدين ( وقوله : ثم استدل ) أي الغزي ( قوله : ولو اتسع الممر إلخ ) عطف على قوله ويؤخذ إلخ أو قوله : وإذا بيع عقار إلخ ( قوله : لأنه لا ضرر حالا إلخ ) وصورة ذلك أن يكون الدرب مثلا مملوكا كله لمن هو متصرف فيه ولغيره المرور في ذلك لنحو صلاة بمسجد أحدثه صاحب الدرب أو فرن وبهذا يندفع التوقف الآتي قريبا أو أن الدرب بتمامه مملوك لواحد ثم باع حق المرور فيه لغيره ، وأراد بعد البيع البناء لما يضيق به الممر . ا هـ . ع ش وقوله : التوقف الآتي إلخ لم يظهر لي المراد به ، وقوله : ثم باع حق المرور إلخ أي أو باع بيتا في ذلك الدرب ينفتح بابه إليه بحقوقه وله صور أخرى ( قوله : والذي يظهر الجواز إن علم إلخ ) ، وقد يقال بل الأوجه المنع ؛ لأنه ببيع مالكه للدار تبعها جزء من الممر فصار الممر مشتركا بين المشتري والبائع ، وقضية ذلك امتناع تضييقه بغير رضا منه . ا هـ . ع ش ، وقوله : تبعها جزء من الممر فصار الممر مشتركا إلخ أي من حيث حق المرور ، وإلا فرقبة جميع الممر باقية في ملك البائع ثم القول باشتراك جميع الممر مطلقا ولو كان بغاية السعة كمائة ذراع ومنع مالكه عن التصرف فيه بالبناء ونحوه من غير ضرر على المار أصلا في غاية البعد .




                                                                                                                              الخدمات العلمية