nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=47nindex.php?page=treesubj&link=29013_30491_30180_30296استجيبوا لربكم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله ما لكم من ملجأ يومئذ وما لكم من نكير بعد أن قطع خطابهم عقب قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=36فما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا بما تخلص به إلى الثناء على فرق المؤمنين ، وما استتبع ذلك من التسجيل على المشركين
[ ص: 131 ] بالضلالة والعذاب ، ووصف حالهم الفظيع - عاد الكلام إلى خطابهم بالدعوة الجامعة لما تقدم طلبا لتدارك أمرهم قبل الفوات ، فاستؤنف الكلام استئنافا فيه معنى النتيجة للمواعظ المتقدمة لأن ما تقدم من الزواجر يهيئ بعض النفوس لقبول دعوة الإسلام .
والاستجابة : إجابة الداعي ، والسين والتاء للتوكيد . وأطلقت الاستجابة على امتثال ما يطالبهم به النبيء صلى الله عليه وسلم تبليغا عن الله تعالى على طريقة المجاز لأن استجابة النداء تستلزم الامتثال للمنادي فقد كثر إطلاقها على إجابة المستنجد .
والمعنى : أطيعوا ربكم وامتثلوا أمره من قبل أن يأتي يوم العذاب وهو يوم القيامة لأن الحديث جار عليه .
واللام في لربكم لتأكيد تعدية الفعل إلى المفعول مثل : حمدت له وشكرت له . وتسمى لام التبليغ ولام التبيين . وأصله استجابة ، قال
كعب الغنوي :
وداع دعا يا من يجيب إلى الندا فلم يستجبه عند ذاك مجـيب
ولعل أصله استجاب دعاءه له ، أي لأجله له كما في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=1ألم نشرح لك صدرك فاختصر لكثرة الاستعمال فقالوا : استجاب له وشكر له ، وتقدم في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186فليستجيبوا لي في سورة البقرة .
والمرد : مصدر بمعنى الرد ، وتقدم آنفا في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=44هل إلى مرد من سبيل . و
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=47لا مرد له صفة يوم . والمعنى : لا مرد لإثباته بل هو واقع ، و ( له ) خبر ( لا ) النافية ، أي لا مرد كائنا له ، ولام ( له ) للاختصاص .
و ( من ) في قوله : من الله ابتدائية وهو ابتداء مجازي ، ومعناه : حكم الله به فكأن اليوم جاء من لدنه .
ويجوز تعليق المجرور بفعل يأتي . ويجوز أن يتعلق بالكون الذي في خبر ( لا ) . والتقدير على هذا : لا مرد كائنا من الله له وليس متعلقا بـ ( مرد ) على أنه متمم معناه ، إذ لو كان كذلك كان اسم ( لا ) شبيها بالمضاف فكان منونا
[ ص: 132 ] ولم يكن مبنيا على الفتح ، وما وقع في الكشاف مما يوهم هذا مؤول بما سمعت ، ولذلك سماه صلة ، ولم يسمعه متعلقا .
وجملة
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=47ما لكم من ملجإ يومئذ مستأنفة .
والملجأ : مكان الملجأ ، واللجأ : المصير والانحياز إلى الشيء ، فالملجأ : المكان الذي يصير إليه المرء للتوقي فيه ، ويطلق مجازا على الناصر ، وهو المراد هنا ، أي ما لكم من شيء يقيكم من العذاب .
والنكير : اسم مصدر أنكر ، أي ما لكم إنكار لما جوزيتم به ، أي لا يسعكم إلا الاعتراف دون تنصل .
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=47nindex.php?page=treesubj&link=29013_30491_30180_30296اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ بَعْدَ أَنْ قَطَعَ خِطَابَهُمْ عَقِبَ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=36فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا بِمَا تَخَلَّصَ بِهِ إِلَى الثَّنَاءِ عَلَى فِرَقِ الْمُؤْمِنِينَ ، وَمَا اسْتَتْبَعَ ذَلِكَ مِنَ التَّسْجِيلِ عَلَى الْمُشْرِكِينَ
[ ص: 131 ] بِالضَّلَالَةِ وَالْعَذَابِ ، وَوَصْفِ حَالِهِمُ الْفَظِيعِ - عَادَ الْكَلَامُ إِلَى خِطَابِهِمْ بِالدَّعْوَةِ الْجَامِعَةِ لِمَا تَقَدَّمَ طَلَبًا لِتَدَارُكِ أَمْرِهِمْ قَبْلَ الْفَوَاتِ ، فَاسْتُؤْنِفَ الْكَلَامُ اسْتِئْنَافًا فِيهِ مَعْنَى النَّتِيجَةِ لِلْمَوَاعِظِ الْمُتَقَدِّمَةِ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ مِنَ الزَّوَاجِرِ يُهَيِّئُ بَعْضَ النُّفُوسِ لِقَبُولِ دَعْوَةِ الْإِسْلَامِ .
وَالِاسْتِجَابَةُ : إِجَابَةُ الدَّاعِي ، وَالسِّينُ وَالتَّاءُ لِلتَّوْكِيدِ . وَأُطْلِقَتْ الِاسْتِجَابَةُ عَلَى امْتِثَالِ مَا يُطَالِبُهُمْ بِهِ النَّبِيءُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبْلِيغًا عَنِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى طَرِيقَةِ الْمَجَازِ لِأَنَّ اسْتِجَابَةَ النِّدَاءِ تَسْتَلْزِمُ الِامْتِثَالَ لِلْمُنَادِي فَقَدْ كَثُرَ إِطْلَاقُهَا عَلَى إِجَابَةِ الْمُسْتَنْجِدِ .
وَالْمَعْنَى : أَطِيعُوا رَبَّكُمْ وَامْتَثِلُوا أَمْرَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمُ الْعَذَابِ وَهُوَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ لِأَنَّ الْحَدِيثَ جَارٍ عَلَيْهِ .
وَاللَّامُ فِي لِرَبِّكُمْ لِتَأْكِيدِ تَعْدِيَةِ الْفِعْلِ إِلَى الْمَفْعُولِ مِثْلَ : حَمِدْتُ لَهُ وَشَكَرْتُ لَهُ . وَتُسَمَّى لَامَ التَّبْلِيغِ وَلَامَ التَّبْيِينِ . وَأَصْلُهُ اسْتِجَابَةٌ ، قَالَ
كَعْبٌ الْغَنَوِيٌّ :
وَدَاعٍ دَعَا يَا مَنْ يُجِيبُ إِلَى النِّدَا فَلَمْ يَسْتَجِبْهُ عِنْدَ ذَاكَ مُجِـيبُ
وَلَعَلَّ أَصْلَهُ اسْتَجَابَ دُعَاءَهُ لَهُ ، أَيْ لِأَجْلِهِ لَهُ كَمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=94&ayano=1أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ فَاخْتُصِرَ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ فَقَالُوا : اسْتَجَابَ لَهُ وَشَكَرَ لَهُ ، وَتَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=186فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ .
وَالْمَرَدُّ : مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الرَّدِّ ، وَتَقَدَّمَ آنِفًا فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=44هَلْ إِلَى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ . وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=47لَا مَرَدَّ لَهُ صِفَةُ يَوْمٍ . وَالْمَعْنَى : لَا مَرَدَّ لِإِثْبَاتِهِ بَلْ هُوَ وَاقِعٌ ، وَ ( لَهُ ) خَبَرُ ( لَا ) النَّافِيَةِ ، أَيْ لَا مَرَدَّ كَائِنًا لَهُ ، وَلَامُ ( لَهُ ) لِلِاخْتِصَاصِ .
وَ ( مِنْ ) فِي قَوْلِهِ : مِنَ اللَّهِ ابْتِدَائِيَّةٌ وَهُوَ ابْتِدَاءٌ مَجَازِيٌّ ، وَمَعْنَاهُ : حُكْمُ اللَّهِ بِهِ فَكَأَنَّ الْيَوْمَ جَاءَ مِنْ لَدُنْهُ .
وَيَجُوزُ تَعْلِيقُ الْمَجْرُورِ بِفِعْلِ يَأْتِي . وَيَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالْكَوْنِ الَّذِي فِي خَبَرِ ( لَا ) . وَالتَّقْدِيرُ عَلَى هَذَا : لَا مَرَدَّ كَائِنًا مِنَ اللَّهِ لَهُ وَلَيْسَ مُتَعَلِّقًا بِـ ( مَرَدَّ ) عَلَى أَنَّهُ مُتَمِّمُ مَعْنَاهُ ، إِذْ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ كَانَ اسْمُ ( لَا ) شَبِيهًا بِالْمُضَافِ فَكَانَ مُنَوَّنًا
[ ص: 132 ] وَلَمْ يَكُنْ مَبْنِيًّا عَلَى الْفَتْحِ ، وَمَا وَقَعَ فِي الْكَشَّافِ مِمَّا يُوهِمُ هَذَا مُؤَوَّلٌ بِمَا سَمِعْتَ ، وَلِذَلِكَ سَمَّاهُ صِلَةً ، وَلَمْ يَسْمَعْهُ مُتَعَلِّقًا .
وَجُمْلَةُ
nindex.php?page=tafseer&surano=42&ayano=47مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ مُسْتَأْنَفَةٌ .
وَالْمَلْجَأُ : مَكَانُ الْمَلْجَأِ ، وَاللَّجَأُ : الْمَصِيرُ وَالِانْحِيَازُ إِلَى الشَّيْءِ ، فَالْمَلْجَأُ : الْمَكَانُ الَّذِي يَصِيرُ إِلَيْهِ الْمَرْءُ لِلتَّوَقِّي فِيهِ ، وَيُطْلَقُ مَجَازًا عَلَى النَّاصِرِ ، وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا ، أَيْ مَا لَكُمْ مِنْ شَيْءٍ يَقِيكُمْ مِنَ الْعَذَابِ .
وَالنَّكِيرُ : اسْمُ مَصْدَرِ أَنْكَرَ ، أَيْ مَا لَكُمْ إِنْكَارٌ لِمَا جُوزِيتُمْ بِهِ ، أَيْ لَا يَسَعُكُمْ إِلَّا الِاعْتِرَافُ دُونَ تَنَصُّلٍ .