الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب من تجوز قسامته في العمد من ولاة الدم

                                                                                                          قال يحيى قال مالك الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أنه لا يحلف في القسامة في العمد أحد من النساء وإن لم يكن للمقتول ولاة إلا النساء فليس للنساء في قتل العمد قسامة ولا عفو قال يحيى قال مالك في الرجل يقتل عمدا أنه إذا قام عصبة المقتول أو مواليه فقالوا نحن نحلف ونستحق دم صاحبنا فذلك لهم قال مالك فإن أراد النساء أن يعفون عنه فليس ذلك لهن العصبة والموالي أولى بذلك منهن لأنهم هم الذين استحقوا الدم وحلفوا عليه قال مالك وإن عفت العصبة أو الموالي بعد أن يستحقوا الدم وأبى النساء وقلن لا ندع دم صاحبنا فهن أحق وأولى بذلك لأن من أخذ القود أحق ممن تركه من النساء والعصبة إذا ثبت الدم ووجب القتل قال مالك لا يقسم في قتل العمد من المدعين إلا اثنان فصاعدا فترد الأيمان عليهما حتى يحلفا خمسين يمينا ثم قد استحقا الدم وذلك الأمر عندنا قال مالك وإذا ضرب النفر الرجل حتى يموت تحت أيديهم قتلوا به جميعا فإن هو مات بعد ضربهم كانت القسامة وإذا كانت القسامة لم تكن إلا على رجل واحد ولم يقتل غيره ولم نعلم قسامة كانت قط إلا على رجل واحد [ ص: 337 ]

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          [ ص: 337 ] 2 - باب من تجوز قسامته في العمد من ولاة الدم

                                                                                                          ( قال مالك : الأمر الذي لا اختلاف فيه عندنا أنه لا يحلف في القسامة في العمد أحد من النساء وإن لم يكن للمقتول ولاة إلا النساء فليس للنساء في قتل العمد قسامة ولا عفو ) لأن شهادتين لا تجوز في قتل العمد .

                                                                                                          ( مالك : في الرجل يقتل عمدا أنه إذا قام عصبة المقتول أو مواليه ) الذين أعتقوه ( فقالوا نحن نحلف ونستحق دم صاحبنا فذلك لهم ، فإن أراد النساء أن يعفون عنه فليس ذلك لهن ، العصبة والموالي أولى ) أحق ( بذلك منهن ) أي أنه حق لهم دونهن ( لأنهم هم الذين استحقوا الدم وحلفوا عليه ) ولا دخل للنساء في ذلك .

                                                                                                          ( وإن عفت العصبة أو الموالي بعد أن يستحقوا الدم ) بالأيمان ( وأبى النساء وقلن لا ندع ) نترك ( قاتل صاحبنا ) بلا قتل ( فهن أحق وأولى بذلك لأن من أخذ القود ) أي طلبه ( أحق ممن تركه من النساء والعصبة إذا ثبت الدم ووجب القتل ) بالقسامة لا قبل ثبوته كما قدم .

                                                                                                          ( ولا يقسم في قتل العمد من المدعين إلا اثنان فصاعدا ) قال ابن القاسم .

                                                                                                          كما أنه لا يقتل بأقل من شاهدين ولذا لا تحلف النساء في العمد ; لأن شهادتهن لا تجوز فيه ويحلفن في الخطأ [ ص: 338 ] لأنه مال وشهادتهن جائزة في الأموال ( فترد الإيمان عليهما ) إن كانا اثنين ( حتى يحلفا خمسين يمينا ثم قد استحقا الدم ) لحديث : " وتستحقون دم صاحبكم أو قاتلكم " فإن الظاهر من ذكر الدم القود خلافا لأبي حنيفة والشافعي في أحد قوليه إن القسامة توجب الدية دون القود في العمد والخطأ معا إلا أنها في العمد على الجاني وفي الخطأ على العاقلة ، وقال بكل من القولين جماعة من السلف لكن قوله : ( وذلك الأمر عندنا ) بدار الهجرة يؤيد مذهبه ; ولأنه المتبادر من ذكر الدم في قوله : دم صاحبكم ، وتأويله بأن المراد بالدم الدية لأن من استحق دية صاحبه فقد استحق دمه ، لأن الدية قد تؤخذ في العمد فيكون استحقاقا للدم ، بعيد متكلف خلاف الظاهر المتبادر وهو آية الحقيقة ، وقد تأيد بأنه - صلى الله عليه وسلم - قتل بالقسامة رجلا من بني نصر رواه أبو داود وفعله الخلفاء .

                                                                                                          ( وإذا ضرب النفر ) الجماعة ( الرجل حتى يموت تحت أيديهم قتلوا به جميعا ) بلا قسامة .

                                                                                                          ( فإن هو مات بعد ضربهم كانت القسامة ) أي لا بد منها في القتل .

                                                                                                          ( وإذا كانت قسامة لم يكن إلا على رجل واحد ولم يقتل غيره ولم نعلم قسامة كانت ) أي وجدت فيما مضى ( قط إلا على رجل واحد ) لأن المتيقن أن القاتل واحد فوجب الاقتصار عليه ويضرب الباقون مائة مائة ويسجنون سنة ثم يخلى عنهم .




                                                                                                          الخدمات العلمية