الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      الصابرين يجوز أن يكون مجرورا وأن يكون منصوبا صفة للذين إن جعلته في موضع جر أو نصب وإذا جعلته في محل رفع كان هذا منصوبا على المدح، والمراد بالصبر الصبر على طاعة الله تعالى، والصبر عن محارمه قاله قتادة، وحذف المتعلق يشعر بالعموم فيشمل الصبر على البأساء والضراء وحين البأس، والصادقين في نياتهم وأقوالهم سرا وعلانية وهو المروي عن قتادة أيضا والقانتين أي المطيعين قاله ابن جبير، أو المداومين على الطاعة والعبادة قاله الزجاج، أو القائمين بالواجبات قاله القاضي، والمنفقين من أموالهم في حق الله تعالى قاله ابن جبير أيضا، والمستغفرين بالأسحار [ 17 ] قال مجاهد والكلبي وغيرهما: أي المصلين بالأسحار، وأخرج ابن أبي شيبة عن زيد بن أسلم قال: هم الذين يشهدون صلاة الصبح، وأخرج ابن جرير عن ابن عمر أنه كان يحيي الليل صلاة ثم يقول: يا نافع أسحرنا؟ فيقول: لا، فيعاود الصلاة فإذا قال: نعم، قعد يستغفر الله تعالى ويدعو حتى يصبح، وأخرج ابن مردويه عن أنس بن مالك قال: " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستغفر بالأسحار سبعين استغفارة "، وروى الرضا عن أبيه عن أبي عبد الله: «أن من استغفر الله تعالى في وقت السحر سبعين مرة فهو من أهل هذه الآية» والباء في بالأسحار بمعنى في، وهي جمع سحر بفتح الحاء المهملة وسكونها سميت أواخر الليالي بذلك لما فيها من الخفاء كالسحر للشيء الخفي، وقال بعضهم: السحر من ثلث الليل الأخير إلى طلوع الفجر.

                                                                                                                                                                                                                                      وتخصيص الأسحار بالاستغفار لأن الدعاء فيها أقرب إلى الإجابة إذ العبادة حينئذ أشق والنفس أصفى والروع أجمع، وفي «الصحيح»: " أنه تعالى وتنزه عن سمات الحدوث ينزل إلى سماء الدنيا في ثلث الليل الأخير فيقول: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له، فلا يزال كذلك حتى يطلع الفجر "، وأخرج ابن جرير وأحمد عن سعيد الجريري قال: «بلغنا أن داود عليه الصلاة والسلام سأل جبريل [ ص: 103 ] عليه السلام فقال: يا جبريل أي الليل أفضل قال: يا داود ما أدري سوى أن العرش يهتز في السحر».

                                                                                                                                                                                                                                      وتوسيط الواو بين هذه الصفات المذكورة إما لأن الموصوف بها متعدد وإما للدلالة على استقلال كل منها وكمالهم فيها، وقول أبي حيان: لا نعلم أن العطف في الصفة بالواو يدل على الكمال رده الحلبي بأن علماء البيان علموه وهم هم.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية