الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4464 (باب منه)

                                                                                                                              وذكره النووي ، في (الباب المتقدم) .

                                                                                                                              [ ص: 508 ] (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي ، ص 201 ج 15، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن عائشة ، قالت: ما غرت على نساء النبي، صلى الله عليه وسلم: إلا على خديجة، وإني لم أدركها.

                                                                                                                              قالت: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا ذبح الشاة فيقول: "أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة " . قالت: فأغضبته يوما، فقلت: خديجة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني قد رزقت حبها")
                                                                                                                              .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن عائشة ، رضي الله عنها ؛ قالت : ما غرت) بكسر الغين . من "الغيرة" وهي الحمية والأنفة . يقال "رجل غيور . وامرأة غيور" بلا هاء .

                                                                                                                              لأن "فعولا" يشترك فيه الذكر والأنثى . و "ما" نافية.

                                                                                                                              (على نساء النبي صلى الله عليه) وآله (وسلم : إلا على خديجة ) . فيه ثبوت الغيرة ، وأنها غير مستنكر وقوعها من فاضلات النساء ، فضلا عمن دونه . وأن " عائشة " كانت تغار على نسائه صلى الله عليه وآله وسلم ، لكن من " خديجة " أكثر .

                                                                                                                              (وإني لم أدركها) .

                                                                                                                              وفي رواية أخرى : "هلكت خديجة قبل أن يتزوجني ، بثلاث [ ص: 509 ] سنين" . تعني : قبل أن يدخل بها ، لا قبل العقد . وإنما كان قبل العقد بنحو "سنة ونصف" .

                                                                                                                              والمراد : لو كانت الآن موجودة : لكانت غيرتي أقوى .

                                                                                                                              (قالت : وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ إذا ذبح الشاة يقول: أرسلوا بها إلى أصدقاء خديجة ) .

                                                                                                                              وفي رواية أخرى : "إن كان لي الشاة ، ثم يهديها إلى خلائلها" أي : "صدائقها" . جمع "خليلة" ، وهي "الصديقة" .

                                                                                                                              وفي البخاري : "فيهدي في خلالها منها" أي : من الشاة "ما يسعهن" . أي : يكفيهن .

                                                                                                                              وفي لفظ : "يتسع لهن" .

                                                                                                                              وفي آخر : "يشبعهن" .

                                                                                                                              [ ص: 510 ] وهذا أيضا من أسباب الغيرة ، لما فيه : من الإشعار باستمرار حبه لها ، حتى كان يتعاهد أصدقاءها .

                                                                                                                              (قالت : فأغضبته يوما ، فقلت : خديجة فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إني قد رزقت حبها) .

                                                                                                                              فيه : إشارة إلى أن حبها "فضيلة حصلت" .

                                                                                                                              وفي رواية أخرى عنها ، عند مسلم : (قالت : ما غرت على امرأة من نسائه : ما غرت على خديجة ، لكثرة ذكره إياها ، وما رأيتها قط) . زاد البخاري : "وما ذبح الشاة ، ثم يقطعها أعضاء ، ثم يبعثها في صدائق خديجة ، فربما قلت له : كأنه لم يكن في الدنيا امرأة إلا خديجة فيقول : إنها كانت ، وكانت . وكان لي منها ولد" .




                                                                                                                              الخدمات العلمية