الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4467 (باب منه)

                                                                                                                              وهو في النووي ، (في الباب الماضي) .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم النووي ، ص 201، 202 ج 15، المطبعة المصرية

                                                                                                                              (عن عائشة ، قالت: استأذنت هالة بنت خويلد (أخت خديجة ) على رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرف استئذان خديجة : فارتاح لذلك، فقال: "اللهم! هالة بنت خويلد؟" فغرت، فقلت: وما تذكر من عجوز من عجائز قريش، حمراء الشدقين، هلكت في الدهر، فأبدلك الله خيرا منها

                                                                                                                              . )

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              (عن عائشة ، رضي الله عنها، قالت : استأذنت هالة بنت خويلد) - زوج الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس : "والد أبي العاص بن الربيع، زوج زينب بنت النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، (أخت خديجة ) بنت خويلد-: (على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الدخول [ ص: 512 ] عليه ، في المدينة - وكانت قد هاجرت إلى المدينة - . ويحتمل : أن تكون دخلت عليه بمكة ، حيث كانت عائشة معه ، في بعض سفراته .

                                                                                                                              (فعرف استئذان خديجة ) . أي : صفة استئذانها ، لشبه صوتها بصوت أختها ، فتذكر خديجة بذلك : (فارتاح لذلك) بالحاء المهملة . أي اهتز لذلك سرورا .

                                                                                                                              وفي البخاري : "فارتاع" بالعين المهملة . أي : فزع . والمراد : لازمه . أي : تغير .

                                                                                                                              قال النووي : "ارتاح" أي : هش لمجيئها وسر بها ، لتذكره بها : خديجة ، وأيامها .

                                                                                                                              قال : وفي هذا كله : دليل لحسن العهد ، وحفظ الود ، ورعاية حرمة الصاحب والعشير : في حياته ووفاته ، وإكرام أهل ذلك الصاحب .

                                                                                                                              (فقال : اللهم!) أي : اجعلها (هالة بنت خويلد؟) . قالت : (فغرت، فقلت : وما تذكر من عجوز من عجائز قريش ، حمراء الشدقين) أي : عجوز كبيرة جدا ، حتى قد سقطت أسنانها من الكبر ، ولم يبق لشدقها : بياض شيء من الأسنان . إنما بقي فيه : حمرة لثاتها.

                                                                                                                              "حمراء" : تأنيث "أحمر" . و "الشدق" بالكسر : جانب الفم .

                                                                                                                              [ ص: 513 ] (خمشاء الساقين) أي : دقيقتهما.

                                                                                                                              (هلكت في الدهر ، فأبدلك الله خيرا منها) .

                                                                                                                              وفي رواية أخرى : عند أحمد ، والطبراني : "فقلت : قد أبدلك الله بكبيرة السن : حديثة السن ، فغضب حتى قلت : والذي بعثك بالحق لا أذكرها بعد هذا إلا بخير" . وهذا يرد على السفاقسي : أن في سكوته صلى الله عليه وآله وسلم ، على ذلك : دليلا على فضل عائشة على خديجة ، إلا أن يكون المراد بالخيرية هنا : حسن الصورة ، وصغر السن .

                                                                                                                              قال عياض : قال الطبري ، وغيره من العلماء : "الغيرة" مسامح للنساء فيها ، لا عقوبة عليه فيها : لما جبلن عليه من ذلك . ولهذا لم تزجر عائشة عنها.

                                                                                                                              قال القاضي : وعندي أن ذلك جرى من عائشة ؛ لصغر سنها ، وأول شبيبتها . ولعلها لم تكن بلغت حينئذ . والله أعلم .




                                                                                                                              الخدمات العلمية