الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              1970 [ ص: 130 ] 16 - باب السهولة والسماحة في الشراء والبيع ، ومن طلب حقا فليطلبه في عفاف .

                                                                                                                                                                                                                              2076 - حدثنا علي بن عياش ، حدثنا أبو غسان محمد بن مطرف قال : حدثني محمد بن المنكدر ، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " رحم الله رجلا سمحا إذا باع ، وإذا اشترى ، وإذا اقتضى" . [فتح: 4 \ 306]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث جابر : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "رحم الله رجلا سمحا إذا باع ، وإذا اشترى ، وإذا اقتضى" .

                                                                                                                                                                                                                              هذا الحديث من أفراده . وللترمذي : "غفر الله لرجل كان قبلكم كان سهلا إذا باع ، سهلا إذا اشترى ، سهلا إذا اقتضى" ثم قال : حسن غريب صحيح من هذا الوجه . قال الداودي : يحتمل قوله : رجلا أن يريد : الخبر أو الدعاء ، والظاهر أنه للدعاء .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : ("وإذا اقتضى") جاء في رواية : "وإذا أقضى" وفي أخرى : "خذ حقك في عفاف وافيا أو غير واف" وروي هذا عن ابن عمر وعائشة مرفوعا . وفي رواية : "إذا اقتضي له" .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 131 ] وفيه : الحض على المسامحة -كما ترجم له- وحسن المعاملة ، واستعمال معالي الأخلاق ومكارمها ، وترك المشاحة في البيع ، وذلك سبب لوجود البركة ; لأنه - صلى الله عليه وسلم - لا يحض أمته إلا على ما فيه النفع لهم دينا ودنيا . فأما فضله في الآخرة فقد دعا - صلى الله عليه وسلم - بالرحمة والغفران لفاعله ، فمن أحب أن تناله هذه الدعوة فليقتد به ويعمل به .

                                                                                                                                                                                                                              وفي قوله : ("وإذا اقتضى") حض على ترك التضييق على الناس عند طلب الحقوق وأخذ العفو منهم ، ويؤيده حديث ابن عمر وعائشة السالف .

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن المنذر : وفيه الأمر بحسن المطالبة وإن قبض دون حقه . وقد جاء في إنظار المعسر من الفضل ما ستعلمه في الباب بعده .

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن حبيب : تستحب السهولة في البيع والشراء ، وليس هي ترك المكايسة فيه ، إنما هي ترك المضاجرة ونحوها ، والرضا بالإحسان وبيسير الربح ، وحسن الطلب .

                                                                                                                                                                                                                              وفي الحديث : "صاحب السلعة أحق أن يسوم تحريا من أن يسام" . والبركة في أول السوم وفي المسامحة . ورغب في إقالة النادم ، وكانوا يحبون المكايسة في الشراء .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية