الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        وقوله: فذاقت وبال أمرها وكان عاقبة أمرها خسرا ؛ أي: ثقل عاقبة أمرها؛ [ ص: 188 ] وكان عاقبة أمرها خسرا ؛ يعني في الآخرة؛ وهو قوله: أعد الله لهم عذابا شديدا ؛ يعني بعد ذلك الذي نزل بهم في الدنيا؛ ثم وعظ الله هذه الأمة في تصديق النبي - عليه السلام -؛ واتباع أمره؛ وأعلم أنه قد بعث رسوله ليخرج الناس من الظلمات إلى النور؛ فقال: فاتقوا الله يا أولي الألباب الذين آمنوا ؛ ومعنى "أولي الألباب": أصحاب العقول؛ وواحد "أولو الألباب": "ذو لب"؛ أي: ذو عقل؛ قد أنـزل الله إليكم ذكرا رسولا يتلو عليكم آيات الله مبينات ؛ "رسولا"؛ منصوب على ثلاثة أوجه؛ أجودها أن يكون قوله: قد أنـزل الله إليكم ذكرا ؛ دليلا على إضمار "أرسل رسولا يتلو عليكم"؛ ويجوز أن يكون يعني بقوله " رسولا " ؛ النبي - عليه السلام -؛ ويكون " رسولا " ؛ منصوبا بقوله: " ذكرا " ؛ يكون المعنى: "قد أنزل الله إليكم ذكرا رسولا ذا ذكر؛ رسولا يتلو"؛ ويكون " رسولا " ؛ بدلا من "ذكرا"؛ ويكون يعنى به جبريل - عليه السلام -؛ ويكون دليل هذا القول قوله - يعني به جبريل - عليه السلام -: نـزل به الروح الأمين على قلبك ؛ ومعنى: من الظلمات إلى النور ؛ من ظلمات الكفر؛ إلى نور الإيمان؛ لأن أدلة الكفر مظلمة غير بينة؛ وأدلة الإسلام واضحة بينة؛ قوله: قد أحسن الله له رزقا ؛ أي: رزقه الله الجنة التي لا ينقطع نعيمها؛ ولا يزول؛ ثم ذكر - جل وعز - ما يدل على توحيده؛ فقال: [ ص: 189 ] الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنـزل الأمر بينهن ؛ ففي كل سماء؛ وكل أرض خلق من خلقه؛ وأمر نافذ من أمره.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية