الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            ( 4052 ) مسألة ; قال : ( وإن كان الشراء وقع بعين ، أو ورق ، أعطاه الشفيع مثل ذلك ، وإن كان عرضا ، أعطاه قيمته ) وجملته أن الشفيع يأخذ الشقص من المشتري بالثمن الذي استقر عليه العقد ; لما روي في حديث جابر ، { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : هو أحق بالثمن } . رواه أبو إسحاق الجوزجاني في " كتابه " .

                                                                                                                                            ولأن الشفيع إنما استحق الشقص بالبيع ، فكان مستحقا له بالثمن ، كالمشتري . فإن قيل : إن الشفيع استحق أخذه بغير رضى مالكه ، فينبغي أن يأخذه بقيمته ، كالمضطر يأخذ طعام غيره . قلنا : المضطر استحق أخذه بسبب حاجة خاصة ، فكان المرجع في [ ص: 201 ] بدله إلى قيمته ، والشفيع استحقه لأجل البيع ، ولهذا لو انتقل بهبة أو ميراث لم يستحق الشفعة ، وإذا استحق ذلك بالبيع ، وجب أن يكون بالعوض الثابت بالبيع .

                                                                                                                                            إذا ثبت هذا ، فإنا ننظر في الثمن ، فإن كان دنانير أو دراهم ، أعطاه الشفيع مثله ، وإن كان مما لا مثل له كالثياب والحيوان ، فإن الشفيع يستحق الشقص بقيمة الثمن . وهذا قول أكثر أهل العلم .

                                                                                                                                            وبه يقول أصحاب الرأي ، والشافعي . وحكي عن الحسن ، وسوار ، أن الشفعة لا تجب هاهنا ; لأنها تجب بمثل الثمن ، وهذا لا مثل له فتعذر الأخذ ، فلم يجب ، كما لو جهل الثمن .

                                                                                                                                            ولنا ، أنه أحد نوعي الثمن ، فجاز أن تثبت به الشفعة في المبيع ، كالمثلي ، وما ذكروه لا يصح ; لأن المثل يكون من طريق الصورة ، ومن طريق القيمة . كبدل المتلف ، فإما إن كان الثمن من المثليات غير الأثمان ، كالحبوب والأدهان ، فقال أصحابنا : يأخذه الشفيع بمثله ; لأنه من ذوات الأمثال ، فهو كالأثمان . وبه يقول أصحاب الرأي ، وأصحاب الشافعي ; ولأن هذا مثل من طريق الصورة والقيمة ، فكان أولى من المماثل في إحداهما ، ولأن الواجب بدل الثمن ، فكان مثله ، كبدل القرض والمتلف .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية